أو يدخل ذلك في صفاته بوجه من الوجوه؛ بل هو العلي الأعلى بكل وجه، ولهذا يروى عن وهذه الحجة من باب قياس الأولى، وهو أن السفل مذموم في المخلوق، حيث جعل الله أعداءه في أسفل سافلين، وذلك مستقر في فطر العباد، حتى أن أتباع المضلين طلبوا أن يجعلوهم تحت أقدامهم ليكونوا من الأسفلين. وإذا كان هذا مما ينزه عنه المخلوق، ويوصف به المذموم المعيب من المخلوق فالرب تعالى أحق أن ينزه ويقدس عن أن يكون في السفل أو يكون موصوفا بالسفل هو أو شيء منه، أنه كان يقول في سجوده: سبحان ربي [ ص: 100 ] الأسفل. وكذلك بلغني عن طائفة من أهل زماننا أن منهم من يقول إن بشر المريسي يونس عرج به إلى بطن الحوت، كما عرج بمحمد إلى السماء، وأنه قال: يونس" وأراد هذا المعنى؛ وقد بينا كذب هذا الحديث، وبطلان التفسير في غير هذا الموضع. "لا تفضلوني على
[ ص: 101 ] وهذه الحجة التي احتج بها الأئمة أجود من حجة التناقض التي احتج بها فإنه يرد على تلك الأسولة ما لم يرد على هذه، حيث يمكن أن يقال: هو يجمع بين ما يتناقض [ ص: 102 ] في حق غيره، كما قيل أبو الحسن؛ لأبي سعيد الخراز: بماذا عرفت ربك؟ قال: بالجمع بين النقيضين، ثم تلا قوله تعالى: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم . وأما هذا القياس؛ قياس الأولى، ووجوب تنزيه الرب عن كل نقص ينزه عنه غيره، ويذم به سواه: فهذا فطري ضروري متفق عليه.