وأيضا فقوله فيه: «نقل الأقدام إلى الجمعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة» والمعراج كان بمكة، وتلك الليلة فرضت الصلوات الخمس ولم تكن جمعة، فقد ثبت في الصحيح «أن أول جمعة كانت في الإسلام بعد جمعة ابن عباس بالمدينة جمعت بالبحرين بجواثاء» قرية من قرى عن البحرين، وهذا من العلم المتواتر الذي لا يتنازع فيه أهل العلم.
وأما ما يوجد في كتب [ ص: 320 ] أخرى ويوجد عند كثير من الشيوخ والعامة من أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في بعض سكك المدينة، أو خارج مكة، أو أنه ينزل عشية عرفة فيعانق المشاة ويصافح الركبان، ونحو هذه الأحاديث التي فيها في اليقظة في الأرض فكلها من أكذب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل العلم، فليعلم ذلك. رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه
والخلال روى هذا الحديث من هذا الوجه، ورواه من وجه آخر هو الصواب؛ لأنه جمع الطرق، فقال: حدثنا أحمد بن محمد الأنصاري، حدثنا مؤمل قال: حدثنا عبيد الله [ ص: 321 ] بن أبي حميد، عن أبي المليح، عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة محمد! قلت: لبيك ربي وسعديك، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى» وذكر الحديث. «رأيت ربي في منامي في أحسن صورة، فقال: يا
قال حدثنا الخلال: أحمد بن محمد الأنصاري، حدثنا مؤمل قال: حدثنا حماد بن دليل، حدثنا عن سفيان الثوري، قيس، عن طارق، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
ففي هذه الرواية من رواية مؤمل، عن حماد بن دليل، عن عن الثوري، قيس، عن طارق، عن النبي صلى الله عليه وسلم جعله مرسلا وجعله مثل [ ص: 322 ] حديث وحديث أبي هريرة، يوافق سائر الأحاديث أن ذلك كان في المنام كما ذكره في هذه الراوية، ولكن إنما اعتقد صحة هذا من لم يكن له بالحديث وألفاظه وروايته خبرة تامة من جنس الفقهاء وأهل الكلام والصوفية ونحوهم؛ فلهذا ذكروه من بين متأول ومن بين راد للتأويل. أبي هريرة