قال: "واختلفت المرجئة في الكفر ما هو؟، وهم ست فرق: الفرقة الأولى: وهؤلاء هم تزعم أن الكفر خصلة واحدة وبالقلب تكون، وهو الجهل بالله، الجهمية، والفرقة الثانية [ ص: 358 ] منهم يزعمون أن الكفر خصال كثيرة، ويكون بالقلب وبغير القلب، والجهل بالله كفر، وبالقلب يكون، وكذلك البغض لله والاستكبار عليه، وكذلك التكذيب بالله وبرسله بالقلب وباللسان، وكذلك الجحود لهم والإنكار لهم وسبهم، وكذلك الاستخفاف بالله ورسله كفر، وكذلك ترك التوحيد إلى اعتقاد التثنية والتثليث أو ما هو أكثر من ذلك كفر.
وزعم قائل هذا القول أن قاتل النبي صلى الله عليه وسلم ولاطمه لم يكفر من أجل القتل واللطمة، ولكن من أجل الاستخفاف، وكذلك وزعم قائل هذا القول أن الكفر يكون بالقلب واللسان دون غيرهما من الجوارح، وكذلك الإيمان، إنما يكفر بالاستحلال لتركها لا بتركها، وزعم صاحب هذا القول أن تارك الصلاة مستخفا لتركها فهو كافر بالله، وأن استحلال ذلك كفر، وكذلك من قال قولا واعتقد عقدا قد أجمع المسلمون على إكفار فاعله، وكل قول أجمعوا على من استحل ما حرم الله مما نص الرسول على تحريمه، وأجمع المسلمون على تحريمه
[ ص: 359 ] إكفار قائله كفر بأي جارحة كان الفعل. والفرقة الثالثة منهم يزعمون أن الكفر بالله هو التكذيب والجحد له والإنكار له باللسان، وأن الكفر لا يكون إلا باللسان دون غيره من الجوارح، وهذا قول محمد بن كرام وأصحابه. والفرقة الرابعة منهم يزعمون أن الكفر هو الجحود والإنكار والستر والتغطية وأن الكفر يكون بالقلب واللسان. والفرقة الخامسة منهم أصحاب أبي شمر، وقد تقدمت حكاية قولهم في إكفار من رد قولهم في التوحيد والقدر. والفرقة السادسة أصحاب محمد بن شبيب، وقد ذكرنا قولهم في الإكفار عند ذكرنا قولهم في الإيمان. وأكثر المرجئة لا يكفرون أحدا من المتأولين، ولا يكفرون إلا من أجمعت الأمة على إكفاره".