فقال: «ولكنا نقول: إنه عز وجل فوق كل شيء، لكيلا يكون بين طبقتين، فأخبر أنه أثبت الفوقية، لئلا يلزم أن يكون داخل العالم أو خارجه، فأثبت أنه خارجه، لئلا يلزم أن يكون داخله، أو لو أمكن أن لا يكون بين طبقتين، ولا يكون فوق العالم، لم يكن نفي أحدهما دليلا على ثبوت الآخر، كما يقوله النفاة، وهو قد صرح بهذا في غير موضع. قلت: أما الاستواء، فقد ذكر أنه صفة خبرية سمعية، وأما القول بأنه فوق، فإنه لم يجعل معناه سلبيا، بل جعل السلب دليلا على الفوقية،
قال «فصل من كلامه في زيادة تحقيق في هذا القول، قال في باب مسألة الجهمية في المكان، في كتاب التوحيد: «يقال لهم: إذا قلنا الإنسان لا مماس ولا مباين للمكان، فهذا محال، فلا بد من "نعم"، قيل لهم: فهو لا مماس ولا مباين للمكان، فإذا قالوا: نعم. قيل لهم: فهو بصفة المحال من المخلوقين، الذي لا يكون ولا يثبت إلا في الوهم، فإذا قالوا: نعم. قيل: فينبغي أن يكون بصفة المحال من [ ص: 95 ] كل جهة، كما كان بصفة المحال من هذه الجهة. «ابن فورك»:
وقيل لهم: أليس لا يقال لما ليس ثابتا في الإنسان مماس ولا مباين؟ فإذا قالوا: نعم. قيل: فأخبرونا عن معبودكم مماس هو أو مباين؟ فإذا قالوا: لا يوصف بهما. قيل لهم: فصفة إثبات الخالق كصفة عدم المخلوق، فلم لا تقولون عدم، كما تقولون للإنسان عدم إذا وصفتموه بصفة العدم. وقيل لهم: إذا كان عدم المخلوق وجودا له، كان جهل المخلوق علما له، لأنكم وصفتم العدم الذي هو للمخلوق وجودا له، فإذا كان العدم وجودا، كان الجهل علما والعجز قوة».