يقال لهؤلاء أنتم تعلمون أن الشمس جسم واحد وهي متحركة حركة واحدة متناسبة لا تختلف ثم إنها بهذه الحركة الواحدة تكون طالعة على قوم وغاربة عن آخرين، وقريبة من قوم وبعيدة من آخرين، فيكون عند قوم عنها ليل، وعند قوم نهار، وعند قوم شتاء، وعند قوم صيف، وعند قوم حر وعند قوم برد، فإذا كانت حركة واحدة يكون عنها ليل ونهار في وقت واحد لطائفتين، وشتاء وصيف في وقت واحد لطائفتين، فكيف [ ص: 58 ] يمتنع على خالق كل شيء الواحد القهار أن يكون وإن كان مختلفا بالنسبة إليهم، وهو سبحانه لا يشغله شأن عن شأن ولا يحتاج أن ينزل على هؤلاء ثم ينزل على هؤلاء بل في الوقت الواحد الذي يكون ثلثا عند هؤلاء وفجرا عند هؤلاء يكون نزوله إلى سماء هؤلاء الدنيا وصعوده عن سماء هؤلاء الدنيا فسبحان الله الواحد القهار نزوله إلى عباده ونداؤه إياهم في ثلث ليلهم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين [الصافات: 180-182]. ويقال لهؤلاء كما قيل للرازي وأمثاله: هل حكم الحس والخيال والعقل الذي به تعلم الجسمانيات مقبول في الربوبية، [ ص: 59 ] أو مردود؟ فإن كان مقبولا بطل قوله كله حيث أثبت حيا عالما قادرا لا يتحرك ولا يسكن ولا يقرب ولا يبعد ولا يفعل بنفسه فعلا وزعمت مع ذلك أنه غير عاجز ولا مقيد ولا ممنوع. وإن كان مردودا بطل ما ضربته من الأمثال في رد حقيقة ما أخبر به عنه الصادق المصدوق الذي هو أعلم به منك ومن أمثالك [ ص: 60 ]