ومن هنا يظهر الجواب عما ذكره ابن حزم وغيره في حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: " حديث النزول فقالوا: " قد ثبت أن الليل يختلف بالنسبة إلى الناس، فيكون أوله ونصفه وثلثه بالمشرق قبل أوله ونصفه وثلثه بالمغرب، قالوا: فلو كان النزول هو النزول المعروف للزم أن ينزل في جميع أجزاء الليل، إذ لا يزال في الأرض ليل. قالوا: أو لا يزال نازلا وصاعدا وهو جمع بين الضدين.. ". ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا [ ص: 55 ] حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر "
وهذا إنما قالوه لتخيلهم من نزوله ما يتخيلونه من نزول أحدهم وهذا عين التمثيل، ثم إنهم بعد ذلك جعلوه كالواحد العاجز منهم، الذي لا يمكنه أن يجمع من الأفعال ما يعجز غيره عن جمعه، وقد جاءت الأحاديث بأنه يحاسب خلقه يوم القيامة [ ص: 56 ] كل منهم يراه مخليا به يتجلى ويناجيه، لا يرى أنه متخليا لغيره ولا مخاطبا لغيره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله رب العالمين ) يقول الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال الله: أثنى علي عبدي ". " إذا قال العبد: (
فكل من الناس يناجيه والله تعالى يقول لكل منهم ذلك ولا يشغله شأن عن شأن، وذلك كما قيل كيف يحاسب الله تعالى الخلق في ساعة واحدة؟ فقال: كما يرزقهم [ ص: 57 ] في ساعة واحدة ومن مثل مفعولاته التي خلقها بمفعولات غيره فقد وقع تمثل المجوس القدرية، فكيف بمن مثل أفعاله بنفسه أو صفاته بفعل غيره وصفته. لابن عباس