فهذه الأقوال ترجع إلى أقوال:
أحدها: أنه المحتمل للصفات والأعراض وإن لم يكن مؤلفا.
والثاني: أنه ما يدخله التأليف من الأجزاء، وهو يسمى الواحد جسما حال تركيبه أو لا يكون جسما إلا الجزءان أو الستة أو الثمانية أو الستة والثلاثون، ولا يحصر ذلك بعدد على الأقوال الستة.
[ ص: 336 ] والثالث: أنه الطويل العريض العميق، وإن لم يكن مؤلفا من الأجزاء، أو لم يكن مؤلفا من الأجزاء المحصورة، كما يقوله النظام والفلاسفة، وهو قول وغيره. الشهرستاني
والرابع: أنه المؤلف من الأعراض.
والخامس: أنه الموجود أو أنه المكان.
والسادس: أنه الموجود، أو أنه القائم بنفسه، وهو مع حكاية هذا عن هشام قد ذكر عنه أنه قال: "إن الله تعالى جسم محدود عريض طويل عميق، طوله مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه، نور ساطع له قدر من الأقدار، بمعنى أن له مقدارا في طوله وعرضه وعمقه لا يتجاوزه في مكان دون مكان، [ ص: 337 ] كالسبيكة الصافية تتلألأ كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها، ذو لون وطعم ورائحة، ومجسة لونه هو طعمه وهو رائحته وهو مجسته وهو نفسه لون -ولم يعين لونا ولا طعما هو غيره- وأنه يتحرك ويسكن ويقوم ويقعد".
قال: "وحكي عنه أنه قال: هو جسم لا كالأجسام، ومعنى أنه شيء: موجود". قال: "وذكر عن بعض المجسمة أنه كان يثبت الباري متكونا ويأبى أن يكون ذا طعم ورائحة ومجسة وأن يكون طويلا أو عريضا أو عميقا وزعم أنه يتحرك من وقت خلق الخلق".
قال: هشام، غير أنه على العرش مماس له دون ما سواه". "وقال قائلون: إن الباري جسم، وأنكروا أن يكون موصوفا بلون أو طعم أو رائحة أو مجسة أو شيء مما وصف به
وقال في الشيعة في التجسيم وهم ست فرق: اختلاف
[ ص: 338 ] فالفرقة الأولى الهشامية وهم أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أن معبودهم جسم وله نهاية وحد، وذكر نحو ما تقدم قال: "وأنه قد كان لا في مكان ثم حدث المكان بأن تحرك الباري فحدث المكان بحركته، وزعم أن المكان هو العرش"، قال: "وذكر أبو الهذيل في بعض كتبه أن هشام بن الحكم قال له: إن ربه لجسم ذاهب / جاء فيتحرك تارة، ويسكن أخرى، ويقعد مرة ويقوم أخرى، وأنه طويل عريض عميق، لأن ما لم يكن كذلك دخل في حد التلاشي".
قال: "والفرقة الثانية يزعمون أن ربهم ليس بصورة ولا كالأجسام، وإنما يذهبون في قولهم إنه جسم إلى أنه موجود، [ ص: 339 ] ولا يثبتون الباري ذا أجزاء مؤتلفة وأبعاض متلاصقة، ويزعمون أن الله على العرش مستو بلا مماسة ولا كيف".
قال: "والفرقة الثالثة يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان، ويمنعون أن يكون جسما.
والرابعة: أصحاب هشام بن سالم الجواليقي يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان، وينكرون أن يكون لحما أو دما، ويقولون هو نور ساطع يتلألأ ضياء، وأنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان؛ له يد ورجل وأنف وأذن وعين، وأنه يسمع بغير ما يبصر به، وكذلك سائر حواسه متغايرة عندهم.
والفرقة الخامسة يزعمون أن رب العالمين ضياء خالص، ونور بحت، وهو كالمصباح الذي من حيث ما جئته يلقاك بأمر واحد، وليس بذي صورة ولا أعضاء ولا اختلاف في الأجزاء، وأنكروا أن يكون على صورة الإنسان أو على صورة شيء من [ ص: 340 ] الحيوان".
قال: "والفرقة السادسة يزعمون أن ربهم ليس بجسم ولا صورة ولا يشبه الأشياء ولا يتحرك ولا يسكن ولا يماس، وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج".
قال: وهؤلاء من متأخريهم، فأما أوائلهم فإنهم كانوا يقولون ما حكينا عنهم من التشبيه".