الوجه الخامس: أن أئمة هذا الرازي وغيره هو أيضا ممن يثبت الرؤية والاحتجاب، كالأشعري قال وأن الله فوق العرش، في مسألة العرش: " فقال سبحانه: الأشعري وجاء ربك والملك صفا صفا [الفجر: 22] وقال عز وجل: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام [البقرة: 210] وقال سبحانه: ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى إلى قوله: لقد رأى من آيات ربه الكبرى [النجم: 8-18] وقال تعالى: يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي [آل عمران: 55] وقال سبحانه: وما قتلوه وما صلبوه ، وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه [النساء: 157-158] عيسى إليه إلى السماء، ومن دعاء المسلمين جميعا إذا هم رغبوا إلى الله عز وجل في الأمر النازل بهم أنهم يقولون: يا ساكن العرش. ومن حلفهم: لا والذي احتجب بسبع [ ص: 458 ] سموات". وأجمعت الأمة على أن الله عز وجل رفع
قال الحافظ أبو العباس: وهذا مأخوذ من قوله: إن الله خلق سبع سموات ثم اختار العليا فسكنها".
وقال عز وجل: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء [الشورى: 51] وقد خصت الآية البشر دون غيرهم ممن ليس من جنس البشر، ولو كانت الآية عامة للبشر وغيرهم لكان أبعد من الشبهة وإدخال الشك على من يسمع آية أن يقول: ما كان لأحد أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيرفع الشك والحيرة من أن يقول: ما كان جنس من الأجناس أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل [ ص: 459 ] رسولا ويترك أجناسا لم يعمهم بالآية، فيدل ما ذكرناه على أنه خص البشر دون غيرهم.
وقال عز وجل: ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق [الأنعام: 62]، ولو ترى إذ وقفوا على ربهم [الأنعام: 30]، ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم [السجدة: 12] وقال سبحانه: وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة [الكهف: 48] قال: كل ذلك يدل على أن الله ليس في خلقه، ولا خلقه فيه، وأنه سبحانه مستو على عرشه جل وعز عما يقول الظالمون علوا كبيرا، جل عما يقول الذين لم يثبتوا له في وصفهم حقيقة، ولا أوجبوا له بذكرهم إياه وحدانية، إذ كان كلامهم يؤول إلى التعطيل، وجميع أوصافهم تدل على النفي في التأويل، يريدون بذلك التنزيه ونفي التشبيه، فنعوذ بالله من تنزيه يوجب النفي والتعطيل.
قال الله تعالى: الله نور السماوات والأرض مثل نوره [النور: 35] فسمى نفسه نورا، والنور عند الأمة لا يخلو من أحد معنيين: إما أن يكون نورا يسمع، أو نورا يرى فمن [ ص: 460 ] زعم أن الله يسمع ولا يرى كان مخطئا في نفيه رؤية ربه وتكذيبه لكتابه وقول نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال: وروي عن أنه قال: فكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله، فإن الله ما بين كرسيه إلى السماء ألف عام، والله عز وجل فوق ذلك". عبد الله بن عباس
قال: وروت العلماء أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن العبد لا تزول قدماه من بين يدي الله حتى يسأله عن ثلاث".
[ ص: 461 ] وروت العلماء: " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأمة سوداء، فقال: يا رسول الله! إني أريد أن أعتقها في كفارة، فهل يجوز عتقها؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ فقالت: في السماء- وأومأت بيده إلى فوق- فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: أعتقها فإنها مؤمنة".
قال: " وهذا يدل على أن الله على عرشه فوق السماء".
[ ص: 462 ]