[ ص: 105 ] فصل
الرازي: الوجه "الثالث: نقل الشيخ الغزالي عن أنه أقر بالتأويل في ثلاثة من الأحاديث: أحمد بن حنبل، أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم: قال (الحجر الأسود يمين الله في الأرض).
[ ص: 106 ] وثانيها: قوله صلى الله عليه وسلم: اليمن). (إني لأجد نفس الرحمن من قبل
[ ص: 107 ] وثالثها: قوله صلى الله عليه وسلم -حاكيا عن الله- (أنا جليس من ذكرني)".
والكلام على هذا من وجوه:
أحدها: أن الذي ذكره في كتابه المسمى بـ (إحياء علوم الدين) أنه قال: "سمعت بعض أصحابه يقول: [ ص: 108 ] إنه حسم الباب في التأويل إلا لثلاثة ألفاظ، قوله صلى الله عليه وسلم: الغزالي (الحجر الأسود يمين الله في الأرض) وقوله صلى الله عليه وسلم: وقوله صلى الله عليه وسلم: (إني [ ص: 109 ] (قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن)، اليمن)". أجد نفس الرحمن من قبل
فقد نقل عن خلاف ما ذكر في (الإحياء) فإما أن يكون هو غلط في النقل عن الغزالي أو الغزالي، نقل في كتاب آخر خلاف ما نقل في (الإحياء). وعلى التقديرين فيعلم أن هذا النقل الذي ذكره غير مضبوط. الغزالي
الثاني: أنا قد تكلمنا على ما ذكره في هذا الباب ونحوه، وبينا أن في هؤلاء من القصور في معرفة الكتاب والسنة وحقائق الإيمان ومعرفة السلف وكلامهم ما أوجب ظهور ما يظهر منهم من التناقض، والبدع، وطريق الزنادقة [ ص: 110 ] المنافقين، وفتح باب الإلحاد، والتحريف، فإنهم قليلو المعرفة (بالأحاديث النبوية، والآثار السلفية، ومعاني الكتاب) والسنة إلى الغاية، وهم في المعقولات في غاية الاضطراب، الغزالي والفلاسفة، ما يطول [ ص: 111 ] ذكره، وهذه الأمور [أكبر] من عقول عامة الخلائق، وغاية المتكلم فيها أن يتكلم بمبلغ علمه، ومقدار علمه وسمعه، ونهاية اجتهاده ووسعه، كما يفعله وللغزالي في ذم الكلام والمتكلمين، أبو حامد ونحوه، إذا اجتهدوا وقصدوا الحق مع سعة مرادهم وتفننهم في علوم كثيرة.
وهذا الكلام الذي نقله عن أبي حامد، ذكره لما تكلم [عن مراتب] التأويلات واختلاف الناس فيها، وقد تكلمنا على ما ذكره في ذلك في (الأجوبة المصرية) وغيرها. وسنتكلم [ ص: 112 ] -إن شاء الله تعالى- على ما ذكره وغيره إذا تكلمنا على ما ذكره الغزالي الرازي في الفرق بين ما يؤول وما لا يؤول، فإنهم جميعهم مضطربون في الأصل، كما أنهم مقصرون في معرفة السلف والأئمة، وما دل عليه الكتاب والسنة.
لكن المقصود هنا ذكر ما نقله عن فإنه قال -في أثناء كلامه في التأويلات-: "وفي هذا المقام لأرباب المقامات إسراف واقتصاد، فمن مسرف في [دفع] الظواهر انتهى إلى تغيير جميع الظواهر [أو أكثرها] حتى حملوا قوله تعالى: أحمد، وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم [يس: 65]، [ ص: 113 ] وقوله: وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء [فصلت: 21]، وكذلك جميع المخاطبات التي تجري من منكر ونكير، والميزان والحساب، ومناظرات أهل النار وأهل الجنة، وفي قولهم أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله: زعموا أن كل ذلك لسان الحال".