الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه العاشر: قوله: "قال المتكلمون: لما ثبت بالدليل أن الله تعالى منزه عن الجهة والجسمية، وجب علينا أن نضع لهذه الألفاظ الواردة في القرآن والأخبار محملا صحيحا".

يقال له: ليس هذا قول جميع المتكلمين، بل المتكلمون من أعظم الناس نزاعا في كونه موصوفا بالجهة والجسمية أم لا وأكثرهم من أهل الإثبات، وطوائف من متقدميهم ومتأخريهم يصرحون بلفظ الجسم والجهة وغير ذلك، وجمهورهم يثبتون أنه فوق العرش، ومنهم طوائف يصرحون بنفي ذلك، وكتب المقالات تتضمن من هذا وهذا شيئا كثيرا، مع أن أكثرها إنما صنفها نفاة الجسم، ومع هذا فقد حكوا فيها من مقالات المثبتين شيئا كثيرا، فكيف يكون ما صنفه المثبتون وما زال في كل عصر من أعصار المسلمين التي يكون فيها من ينفي هذه الأشياء أن يكون فيها من يقابله من أهل الإثبات. [ ص: 349 ] وإن كان من كلام هؤلاء وهؤلاء من أهل البدع والضلال ما أنكر سلف الأمة وأئمة السنة.

ولكن المقصود هنا أن الطرق التي سلكوها وسموها العقليات، وما يسمونه علم الكلام يتضمن من كلام المثبتة أعظم مما يتضمن من كلام النفاة.

وقد ذكرنا ما ذكره هذا المؤسس من جهة موافقيه مع استيعابه لذلك من جميع الجهات، وما ذكره لمخالفيه مع تقصيره في ذلك، ومع هذا فقد ظهر رجحان جانب منازعيه ظهورا لا يرتاب فيه لبيب فكيف لو ذكر ما يقولونه هم بأنفسهم بغير توسط نقل خصومهم؟!.

التالي السابق


الخدمات العلمية