ثم قال ابن حامد:  فصل: ومما يجب الإيمان به والتصديق: ما ورد في الأخبار من المماسة والقرب من الحق سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام،  وقد اعتمد أصحابنا في ذلك على جواب أبي عبد الله  في هذا: في المقام المحمود. 
فقال أبو بكر بن صدقة:  ذكر الحديث عند أبي عبد الله،  فقال: [فاتني] عن ابن فضيل،  وجعل يتلهف.  [ ص: 215 ] وقال عبد الله:  قال أبي: ما وقع لي بعلو، وجعل كأنه يتلهف، إذ لم يقع [له] بعلو. وهو حديث  أحمد بن حنبل  عن ابن فضيل،  عن ليث،  عن  [ ص: 215 ]  مجاهد  عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا   [الإسراء: 79]، قال: يقعده معه على العرش، فيطلق ذلك كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. ويجوز أن يكون مقاما مخصوصا لمقعد النبي صلى الله عليه وسلم. ويشهد لذلك: ما رواه  الأعمش،  عن أبي صالح،  عن  أبي هريرة،  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  "إن الله كتب كتابا بيده، قبل أن يخلق  [ ص: 217 ] السموات والأرض، وهو معه على العرش: إن رحمتي تغلب غضبي"  وأحمد بن حنبل  قال: حدثنا  عبد الرزاق،  قال: حدثنا  معمر،  عن  همام بن منبه،  قال: هذا ما حدثنا  [ ص: 218 ]  أبو هريرة،  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:  "لما قضى الله -يعني الخلق- كتب كتابا هو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي". 
قال ابن حامد  وقد ذكر في كتاب (السنة) أخبارا عن الصحابة في (الدنو)  فروى عن محمد بن بشر،  قال: حدثنا  [ ص: 219 ] عبد الرحمن بن [شريك]  عن أبيه، حدثني  [عبد العزيز بن رفيع]،  وسالم الأفطس،  عن  سعيد بن جبير  قال: "إذا  [ ص: 220 ] نظر داود  إلى خطيئته ولى هاربا، فيناديه الله عز وجل: يا داود،  ادن مني، فلا يزال يدنيه حتى يمس بعضه" ورواه  وكيع  عن سفيان  عن منصور  وعن  مجاهد،  عن عبيد ابن عمير  وإن له عندنا لزلفى   [ص: 25] قال: ذكر الدنو حتى يمس بعضه. 
قال: وقد روي أشد من هذا عن  مجاهد،  فرووا من  [ ص: 221 ] طريق الحديث الأول، قال: حدثني إبراهيم بن مهاجر،   وليث بن أبي سليم،  قالا: حدثنا  مجاهد  قال:  "إذا كان يوم القيامة، ذكر داود  ذنبه، فيقول الله تعالى: كن أمامي، فيقول: ذنبي ذنبي، فيقول الله عز وجل: كن خلفي، فيقول: ذنبي ذنبي، فيقول الله عز وجل: خذ بقدمي". وبالإسناد حدثني أبو يحيى القتات،   وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي،  عن  [ ص: 222 ] أبي مالك  عن  ابن عباس  في قوله تعالى: وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب   [ص: 25]، قال: "يدنو منه حتى يقول الله عز وجل: خذ بقدمي". 
قال ابن حامد:  وهذا كله يقطع به كما جاءت به الأخبار. 
والمقصود هنا: أن هذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات، التي نص الأئمة على أنه يمر كما جاء،  وردوا على من نفى موجبه. 
				
						
						
