وأما ما ذكره من التقسيم فيقال له في الوجه السادس: أن ما ذكرته من التقسيم يرد نظيره في كل ما يثبت للرب، فإنه يقال: إذا أشرنا إلى صفة أو معنى أو حكم كعلمه وقدرته أو عالميته أو قادريته أو وجوبه ووجوده أو كونه عاقلا ومعقولا وعقلا ونحو ذلك، فإما أن تكون الصفة أو المعنى أو الحكم الآخر هو إياه أو هو غيره، فإن كان هو إياه لزم أن يكون كونه حيا هو كونه عالما وكونه عالما هو كونه قادرا وكونه موجودا هو كونه فاعلا وكونه فاعلا هو كونه عاقلا ومعقولا وعقلا. وهذا يفضي إلى تجويز جعل المعاني المختلفة معنى واحدا، وأن يكون كل عرض وصفة قامت بموصوف صفة واحدة، وهذا شك في البديهيات، فهذا نظير ما ألزموه للمنازع فإنه يجب الاعتراف بثبوت معنيين ليس المفهوم من أحدهما هو [ ص: 485 ] المفهوم الآخر، وهذا قد قررناه فيما تقدم، فإن كان ثبوت هذه المعاني يستلزم التركيب والانقسام كان ذلك لازما على كل تقدير وإن لم يكن مستلزما للتركيب والانقسام لم يكن ما ذكره مستلزما للتركيب والانقسام؛ فإن مدار الأمر على ثبوت شيئين ليس أحدهما هو الآخر، وهذا موجود في الموضعين.