الوجه السادس: أن القول الذي يسمونه
nindex.php?page=treesubj&link=28676_28838مذهب المشبهة، بل التشبيه الصريح لا يوجد إلا في أهل الكتب الإلهية، كاليهود والمسلمين، كما ذكر
الرازي عن مشبهة اليهود ومشبهة المسلمين.
وأما من ليس له كتاب فلا يعرف عنه شيء من التشبيه الذي يعير أهله بأنه تشبيه أو الذي يقول منازعوهم إنه تشبيه، ومن المعلوم أن
nindex.php?page=treesubj&link=28676_29433أصل الشرك لم يكن من أهل الكتاب وإنما كان من غيرهم فإن الله لم يبعث رسولا ولم ينزل كتابا إلا بالتوحيد، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة [النحل 36] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون [الأنبياء 25] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=45واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون [الزخرف 45]
[ ص: 73 ] وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب [الشورى 13] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله [الشورى 21] .
وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=51يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=52وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون [المؤمنون 51-52].
ولم يحدث في أهل الكتاب وأتباع الرسل من العرب وبني إسرائيل وغيرهم شرك إلا مأخوذ من غير أهل الكتاب، كما ابتدع
عمرو بن لحي بن قمعة سيد خزاعة الشرك في العرب الذين كانوا على ملة
إبراهيم إمام الحنفاء صلى الله عليه وسلم ابتدعه لهم
[ ص: 74 ] بمكة بأوثان نقلها من
الشام من
البلقاء التي كانت إذ ذاك دار الصابئة للمشركين سلف
أبي معشر وذويه وكذلك بنو إسرائيل عبد من عبد منهم الأوثان كما ذكر الله تعالى ذلك في كتابه تعالى وتقدس، وإنما حدث فيهم هذا من جيرانهم الصابئة المشركين سلف
أبي معشر وذويه فإذا كان أصل المذهب الذي سموه مذهب التشبيه لا يعرف إلا عمن هو من أهل كتاب منزل من السماء، وأهل الكتاب لم يكونوا هم الذين ابتدعوا الشرك أولا علم أن الشرك لم يبتدعه أولا القوم الذين سماهم أهل التشبيه.
[ ص: 75 ]
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي يُسَمُّونَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28676_28838مَذْهَبَ الْمُشَبِّهَةِ، بَلِ التَّشْبِيهُ الصَّرِيحُ لَا يُوجَدُ إِلَّا فِي أَهْلِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ، كَالْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ، كَمَا ذَكَرَ
الرَّازِي عَنْ مُشَبِّهَةِ الْيَهُودِ وَمُشَبِّهَةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ كِتَابٌ فَلَا يُعْرَفُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنَ التَّشْبِيهِ الَّذِي يُعَيَّرُ أَهْلُهُ بِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ أَوِ الَّذِي يَقُولُ مُنَازِعُوهُمْ إِنَّهُ تَشْبِيهٌ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28676_29433أَصْلَ الشِّرْكِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ رَسُولًا وَلَمْ يُنْزِلْ كِتَابًا إِلَّا بِالتَّوْحِيدِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهَ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [النَّحْلُ 36] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الْأَنْبِيَاءُ 25] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=45وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مَنْ قَبْلِكَ مَنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مَنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزُّخْرُفُ 45]
[ ص: 73 ] وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينِ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مِنَ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مِنَ يُنِيبُ [الشُّورَى 13] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=21أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشُّورَى 21] .
وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=51يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=52وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ [الْمُؤْمِنُونَ 51-52].
وَلَمْ يَحْدُثْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَتْبَاعِ الرُّسُلِ مِنَ الْعَرَبِ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ شِرْكٌ إِلَّا مَأْخُوذٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا ابْتَدَعَ
عَمْرُو بْنُ لِحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ سَيِّدُ خُزَاعَةَ الشِّرْكَ فِي الْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى مِلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ إِمَامِ الْحُنَفَاءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَدَعَهُ لَهُمْ
[ ص: 74 ] بِمَكَّةَ بِأَوْثَانٍ نَقَلَهَا مِنَ
الشَّامِ مِنَ
الْبَلْقَاءِ الَّتِي كَانَتْ إِذْ ذَاكَ دَارَ الصَّابِئَةِ لِلْمُشْرِكِينَ سَلَفِ
أَبِي مَعْشَرٍ وَذَوِيهِ وَكَذَلِكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَبَدَ مَنْ عَبَدَ مِنْهُمُ الْأَوْثَانَ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، وَإِنَّمَا حَدَثَ فِيهِمْ هَذَا مِنْ جِيرَانِهِمُ الصَّابِئَةِ الْمُشْرِكِينَ سَلَفِ
أَبِي مَعْشَرٍ وَذَوِيِهِ فَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ الَّذِي سَمَّوْهُ مَذْهَبَ التَّشْبِيهِ لَا يُعْرَفُ إِلَّا عَمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ كِتَابٍ مُنَزَّلٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ لَمْ يَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا الشِّرْكَ أَوَّلًا عُلِمَ أَنَّ الشِّرْكَ لَمْ يَبْتَدِعْهُ أَوَّلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَهْلَ التَّشْبِيهِ.
[ ص: 75 ]