الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأيضا هؤلاء الاتحادية يصرحون بذلك تصريحا لا مزيد عليه، حتى يجعلوه عين الكلب والخنزير والنجاسات، لا يقولون إنه مخالط لها، بل وجوده عين وجوده، وهذا وإن كان من أعظم الكفر؛ فالغرض أن إخوانه من الذين يقولون إن الله ليس فوق العرش قد قالوا هذا كله وما هو أكثر منه؛ فلابد أن يرد قولهم بطرقه التي يسلكها وإلا لم يكن قوله أصح من قولهم بل [ ص: 770 ] قولهم أقرب إلى العقل من قوله إنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولهم في الجواب عن المخالطة من الكلام ما هو مع كونه باطلا أقرب إلى العقل من كلامه؛ مثل قولهم إنه بمنزلة الشعاع للشمس الذي لا يتنجس بما يلاقيه، وبمنزلة الفضاء والهواء الذي لا يتأثر بما يكون فيه ونحو هذا من الأمثال التي يضربونها لله؛ فهم مع كونهم جعلوا لله ندا وعدلا ومثلا وسميا في كثير من أقوالهم إن لم يكونوا أمثل منه فليسوا دونه بكثير.

وأما إن أردت أن العقل يبطل هذا القول، فلم تذكر على بطلانه حجة عقلية. أكثر ما ذكرت قول تنفر عنه النفوس أو ما يتضمن نوع نقص، وأنت تقول ليس في العقل ما ينفي عن الله النقص، وإنما نفيته بإجماع، فهذا الوجه في جانب من يقول بالقسم الثالث.

التالي السابق


الخدمات العلمية