الوجه الثاني والعشرون:
nindex.php?page=treesubj&link=28725_28713_29686قوله: "والحجاب عند من ينكر الرؤية محمول على أنه منع وصول آثار إحسانه إليهم".
فيقال: لو كان الحجاب منع الإحسان، لكان من كلمه الله من وراء حجاب كما كلم
موسى، وهو التكليم الذي فضله الله به على سائر العباد - منعا من الإحسان، فيكون الذي ناداه الله وقربه نجيا، أو اصطفاه على الناس برسالاته وكلامه ممنوعا من الإحسان إليه، وهذا من أفسد ما يكون في بداهة
[ ص: 133 ] العقول، وهو من أبلغ التحريف، وقلب الحقائق، والإلحاد في آيات الخالق، ومعلوم أن هذا ما قالوه إلا في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=15كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون [المطففين: 15]. لم يقولوا في هذه الآية، لكن الحجاب مذكور في الآيتين.
[ ص: 134 ]
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28725_28713_29686قَوْلُهُ: "وَالْحِجَابُ عِنْدَ مَنْ يُنْكِرُ الرُّؤْيَةَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْعُ وُصُولِ آثَارِ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ".
فَيُقَالُ: لَوْ كَانَ الْحِجَابُ مَنْعَ الْإِحْسَانِ، لَكَانَ مَنْ كَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ كَمَا كَلَّمَ
مُوسَى، وَهُوَ التَّكْلِيمُ الَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ عَلَى سَائِرِ الْعِبَادِ - مَنْعًا مِنَ الْإِحْسَانِ، فَيَكُونُ الَّذِي نَادَاهُ اللَّهُ وَقَرَّبَهُ نَجِيًّا، أَوِ اصْطَفَاهُ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِهِ وَكَلَامِهِ مَمْنُوعًا مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ أَفْسَدِ مَا يَكُونُ فِي بَدَاهَةِ
[ ص: 133 ] الْعُقُولِ، وَهُوَ مِنْ أَبْلَغِ التَّحْرِيفِ، وَقَلْبِ الْحَقَائِقِ، وَالْإِلْحَادِ فِي آيَاتِ الْخَالِقِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مَا قَالُوهُ إِلَّا فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=15كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [الْمُطَفِّفِينَ: 15]. لَمْ يَقُولُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، لَكِنَّ الْحِجَابَ مَذْكُورٌ فِي الْآيَتَيْنِ.
[ ص: 134 ]