ومن هذا الباب أن
nindex.php?page=treesubj&link=29575_28911كثيرا من الجهال وأهل الإلحاد يشتبه عليهم ما هو من الآيات المحكمات، وإن كان بعض الملحدين يعرف أنه يكذب، وكثير منهم التبس عليه الأمر، وظن صدق ما قالوه، كقول من يفسر:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=19مرج البحرين يلتقيان [الرحمن: 19].
nindex.php?page=showalam&ids=8بعلي nindex.php?page=showalam&ids=129وفاطمة، واللؤلؤ والمرجان
الحسن والحسين؛ لأن اسم البحر يراد به العالم، وهذا
[ ص: 358 ] اسم الحسن، فكأن دمعه كاللؤلؤ، والحسين
[ ص: 359 ] قيل: كأن دمعه كالمرجان، وفسر قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=12وكل شيء أحصيناه في إمام مبين [يس: 12]. بأنه علي؛ لأنه إمام معصوم مبين للعلوم.
وأعرف بعض طلبة العلم قرأ قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم [الزخرف: 31]. وظن أنهما المكان الذي يسمى بالقريتين من أرض
الشام.
وبعض الناس فسر
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=7ذات العماد بدمشق، لما فيها من العمد، ومعلوم أن هذا باطل، فإن عادا لم يكونوا
بالشام، بل باليمن، وهودا إنما أرسل إليهم، فقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=6بعاد nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=7إرم ذات العماد [الفجر: 6-7]. قد نقلوا هذا في كتب التفسير عن
عكرمة، وابن المسيب، وعن
[ ص: 360 ] nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي أنها
الإسكندرية، فإنها كثيرة العمد أيضا، فهذا قد اشتبه على طائفة من العلماء، مع أنه من الآيات المحكمات، فإنه تعالى قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=6ألم تر كيف فعل ربك بعاد nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=7إرم ذات العماد [الفجر: 6-7]. وقد ذكر الله تعالى عادا في موضع آخر، وأنه أرسل إليهم هودا، وأنه أنذر قومه بالأحقاف، أحقاف الرمل، وهذا كله مما علم بالتواتر أنه كان باليمن، وقد صار مثل هذا يجعل أحد الأقوال في تفسير الآية، مع أن الذين قالوه من علماء السلف قد يكونون أرادوا التمثيل، وأن
دمشق والإسكندرية ذات عماد ليعرف معنى ذات العماد، وإلا فلا يخفى على أدنى طلبة العلم أن عادا كانوا باليمن، وهذا كما روي عن حفصة في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=112وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان [النحل: 112]. أنها
[ ص: 361 ] المدينة، وهي جعلت المعنى موجودا فيها، وكذلك قالت طائفة من العلماء في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب [الرعد: 43]. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=10قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله [الأحقاف: 10]. ونحو ذلك أنه عبد الله بن سلام، أو هو ونحوه ممن أسلم بالمدينة، وهذا مما أحكمه الله، فإن هذه الآية نزلت
بمكة قبل أن يعرف
ابن سلام، فضلا عن أن يسلم، ولأنه قال: على مثله، وأراد شهادة أهل الكتاب على مثل
[ ص: 362 ] القرآن، وهو شهادتهم بما تواتر عنهم، من أن الرسل كانوا رجالا، وأنهم دعوا إلى التوحيد، وأخبروا بالمعاد، فإن المشركين كانوا ينازعون في هذا وهذا، وأهل الكتاب ينقلون بالتواتر عن الرسل المتقدمين ما يصدق محمدا صلى الله عليه وسلم ويكذب المشركين.
وهذا غير الشهادة المختصة
بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد ظن طائفة أن العرش هو الملك.
مع أن الله تعالى قد أحكم ذلك وبين العرش، وأنه مغاير للسموات والأرض في غير موضع، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=7وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء [هود: 7]. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=86قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم [المؤمنون: 86]. بعد قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=84قل لمن الأرض ومن فيها [المؤمنون: 84]. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم [غافر: 7]. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وترى الملائكة حافين من حول العرش [الزمر: 75]. ووصف العرش بأنه عظيم، وأنه كريم، وأنه مجيد، إلى أمثال ذلك من الدلائل المبينة للمراد، وأنه ليس هو الملك.
[ ص: 363 ]
وطائفة اشتبه عليها ففسروا الكرسي بالعلم، مع أن هذا لا يعرف في اللغة البتة، والله سبحانه وتعالى أحاط بكل شيء علما، فلا يختص علمه بالسموات والأرض، والمقصود بيان عظمة الرب سبحانه، وهو بكل شيء عليم، ويعلم ما كان وما يكون، فليس في تخصيص علمه بالسموات والأرض مدح، ولا لهذا نظير في القرآن، فالرب لا يذكر اختصاص علمه بذلك قط، وهذا وإن كان من رواية
جعفر بن أبي وحشية، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، فالثابت عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، عن
مسلم البطين عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير - خلاف هذا.
[ ص: 364 ] وقال: الكرسي موضع القدمين.
nindex.php?page=treesubj&link=28870_31748وتنازع الناس في الكرسي، هل هو العرش أو دون العرش؟ [ ص: 365 ] أقرب من هذا، فإن هذا له اتساع في اللغة، وأما تسمية العلم كرسيا فهذا لا يعرف في اللغة، ولكن بعضهم تكلف له من قولهم كراس، والكراس غير الكرسي، فإن قدر أن يسمى الكرسي كراسا، فهو الكتاب، فيكون التقدير: وسع كتابه السموات والأرض، وهذا أبعد من لفظ العلم، فإن كتابه ما فرط فيه من شيء:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=12وكل شيء أحصيناه في إمام مبين [يس: 12].
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29575_28911كَثِيرًا مِنَ الْجُهَّالُ وَأَهْلِ الْإِلْحَادِ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْمُلْحِدِينَ يَعْرِفُ أَنَّهُ يَكْذِبُ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، وَظَنَّ صِدْقَ مَا قَالُوهُ، كَقَوْلِ مَنْ يُفَسِّرُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=19مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ [الرَّحْمَنُ: 19].
nindex.php?page=showalam&ids=8بِعَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=129وَفَاطِمَةَ، وَاللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ
الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْبَحْرِ يُرَادُ بِهِ الْعَالِمُ، وَهَذَا
[ ص: 358 ] اسْمُ الْحَسَنِ، فَكَأَنَّ دَمْعَهُ كَاللُّؤْلُؤِ، وَالْحُسَيْنُ
[ ص: 359 ] قِيلَ: كَأَنَّ دَمْعَهُ كَالْمَرْجَانِ، وَفُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=12وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ [يس: 12]. بِأَنَّهُ عَلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ إِمَامٌ مَعْصُومٌ مُبِينٌ لِلْعُلُومِ.
وَأَعْرِفُ بَعْضَ طَلَبَةِ الْعِلْمِ قَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزُّخْرُفُ: 31]. وَظَنَّ أَنَّهُمَا الْمَكَانُ الَّذِي يُسَمَّى بِالْقَرْيَتَيْنِ مِنْ أَرْضِ
الشَّامِ.
وَبَعْضُ النَّاسِ فَسَّرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=7ذَاتِ الْعِمَادِ بِدِمَشْقَ، لِمَا فِيهَا مِنَ الْعَمَدِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ عَادًا لَمْ يَكُونُوا
بِالشَّامِ، بَلْ بِالْيَمَنِ، وَهُودًا إِنَّمَا أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=6بِعَادٍ nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=7إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ [الْفَجْرُ: 6-7]. قَدْ نَقَلُوا هَذَا فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ عَنْ
عِكْرِمَةَ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَنِ
[ ص: 360 ] nindex.php?page=showalam&ids=11963الْقُرْطُبِيِّ أَنَّهَا
الْإِسْكَنْدَرِيَّةُ، فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الْعَمَدِ أَيْضًا، فَهَذَا قَدِ اشْتَبَهَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، مَعَ أَنَّهُ مِنَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=6أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=7إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ [الْفَجْرُ: 6-7]. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَادًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَأَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ هُودًا، وَأَنَّهُ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ، أَحْقَافِ الرَّمْلِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ كَانَ بِالْيَمَنِ، وَقَدْ صَارَ مِثْلُ هَذَا يَجْعَلُ أَحَدَ الْأَقْوَالِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ، مَعَ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوهُ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ قَدْ يَكُونُونَ أَرَادُوا التَّمْثِيلَ، وَأَنَّ
دِمَشْقَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةَ ذَاتُ عِمَادٍ لِيُعْرَفَ مَعْنَى ذَاتِ الْعِمَادِ، وَإِلَّا فَلَا يَخْفَى عَلَى أَدْنَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَنَّ عَادًا كَانُوا بِالْيَمَنِ، وَهَذَا كَمَا رُوِيَ عَنْ حَفْصَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=112وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ [النَّحْلُ: 112]. أَنَّهَا
[ ص: 361 ] الْمَدِينَةُ، وَهِيَ جَعَلَتِ الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِيهَا، وَكَذَلِكَ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ [الرَّعْدُ: 43]. وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=10قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ [الْأَحْقَافُ: 10]. وَنَحْوِ ذَلِكَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، أَوْ هُوَ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ، وَهَذَا مِمَّا أَحْكَمَهُ اللَّهُ، فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُعْرَفَ
ابْنُ سَلَامٍ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُسْلِمَ، وَلِأَنَّهُ قَالَ: عَلَى مَثَلِهِ، وَأَرَادَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى مِثْلِ
[ ص: 362 ] الْقُرْآنِ، وَهُوَ شَهَادَتُهُمْ بِمَا تَوَاتَرَ عَنْهُمْ، مِنْ أَنَّ الرُّسُلَ كَانُوا رِجَالًا، وَأَنَّهُمْ دَعَوْا إِلَى التَّوْحِيدِ، وَأَخْبَرُوا بِالْمَعَادِ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يُنَازِعُونَ فِي هَذَا وَهَذَا، وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَنْقُلُونَ بِالتَّوَاتُرِ عَنِ الرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا يُصَدِّقُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُكَذِّبُ الْمُشْرِكِينَ.
وَهَذَا غَيْرُ الشَّهَادَةِ الْمُخْتَصَّةِ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ أَنَّ الْعَرْشَ هُوَ الْمُلْكُ.
مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحْكَمَ ذَلِكَ وَبَيَّنَ الْعَرْشَ، وَأَنَّهُ مُغَايِرٌ لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=7وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ [هُودٌ: 7]. وَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=86قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [الْمُؤْمِنُونَ: 86]. بَعْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=84قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا [الْمُؤْمِنُونَ: 84]. وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ [غَافِرٌ: 7]. وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ [الزُّمَرُ: 75]. وَوَصَفَ الْعَرْشَ بِأَنَّهُ عَظِيمٌ، وَأَنَّهُ كَرِيمٌ، وَأَنَّهُ مَجِيدٌ، إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنَ الدَّلَائِلِ الْمُبَيِّنَةِ لِلْمُرَادِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمُلْكَ.
[ ص: 363 ]
وَطَائِفَةٌ اشْتَبَهَ عَلَيْهَا فَفَسَّرُوا الْكُرْسِيَّ بِالْعِلْمِ، مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ الْبَتَّةَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، فَلَا يَخْتَصُّ عِلْمُهُ بِالسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ عَظَمَةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ، وَيَعْلَمُ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، فَلَيْسَ فِي تَخْصِيصِ عِلْمِهِ بِالسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَدْحٌ، وَلَا لِهَذَا نَظِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، فَالرَّبُّ لَا يَذْكُرُ اخْتِصَاصَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ قَطُّ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ رِوَايَةِ
جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ، فَالثَّابِتُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ، عَنْ
مُسْلِمٍ الْبُطَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - خِلَافُ هَذَا.
[ ص: 364 ] وَقَالَ: الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ.
nindex.php?page=treesubj&link=28870_31748وَتَنَازَعَ النَّاسُ فِي الْكُرْسِيِّ، هَلْ هُوَ الْعَرْشُ أَوْ دُونَ الْعَرْشِ؟ [ ص: 365 ] أَقْرَبُ مِنْ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا لَهُ اتِّسَاعٌ فِي اللُّغَةِ، وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْعِلْمِ كُرْسِيًّا فَهَذَا لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ، وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ تَكَلَّفَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِمْ كُرَاسٌ، وَالْكُرَّاسُ غَيْرُ الْكُرْسِيِّ، فَإِنْ قُدِّرَ أَنْ يُسَمَّى الْكُرْسِيُّ كُرَّاسًا، فَهُوَ الْكِتَابُ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: وَسِعَ كِتَابُهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَهَذَا أَبْعَدُ مِنْ لَفْظِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ كِتَابَهُ مَا فَرَّطَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=12وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ [يس: 12].