الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قلت: وقد روى أبو بكر بن أبي عاصم هذا الحديث في كتاب السنة عن هذا الشيخ، كما رواه الترمذي عنه إلى آخره.

قال: «وقد رأى محمد ربه مرتين، وفيه كلام» أراد ابن أبي عاصم أن الحديث فيه كلام آخر، وهذا هو الكلام الذي تقدمت الإشارة إليه أنه قال: «رآه دونه ستر من لؤلؤ» كما ذكرنا؛ فإن هذه الزيادة كانوا يروونها وتارة يتركونها، كما تركها ابن خزيمة والترمذي وابن أبي عاصم، وهكذا قال ابن أبي عاصم لما روى حديث شاذان فقال: حدثنا [ ص: 307 ] أحمد بن محمد المروذي، حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت ربي عز وجل» قال: ثم ذكر كلاما، وقد تقدم ذكر هذا الكلام من رواية غيره.

وروى هذا الحديث من الوجه الآخر الذي ذكره أحمد فقال: حدثنا فضل بن سهل، حدثنا عفان قال: حدثنا عبد الصمد بن كيسان، عن [ ص: 308 ] حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت ربي عز وجل» لم يزد ابن أبي عاصم على هذا، والحديث معروف بطوله، والمقصود هنا أن قول ابن عباس رآه مرتين أجاب فيه بقوله: «ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لم يدركه شيء» لما سئل عن قوله تعالى: لا تدركه الأبصار [الأنعام: 103] وهذا يقتضي أن المرتين رؤية عين، مع أنه قد ثبت في الصحيح عنه أنه «رآه بفؤاده مرتين» ذكره أيضا في تفسير الآية، وهذا يقوي أن تكون رؤية الفؤاد عنده رؤية العين للأنبياء خصوصا لا لغيرهم، وحين عورض بهذه الآية أجاب عنها.

وعلى هذا فتتفق أقوال ابن عباس، وهو أشبه، ثم روى الترمذي حديث محمد بن عمرو، عن أبي [ ص: 309 ] سلمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى [النجم: 13 - 15] فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى [النجم: 9 - 10] قال ابن عباس: «قد رآه النبي صلى الله عليه وسلم» قال: أبو عيسى: هذا حديث حسن.

ثم روى حديث يزيد بن إبراهيم التستري، عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لأبي ذر: لو أدركت النبي صلى الله عليه وسلم سألته، فقال: عما كنت تسأله؟ قال: كنت أسأله: هل رأى محمد ربه؟ فقال: قد سألته، فقال: نور أنى أراه» قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.

ثم روى من حديث [ ص: 310 ] إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله في قوله: ما كذب الفؤاد ما رأى قال: «رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في حلة من رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

التالي السابق


الخدمات العلمية