الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه الخامس: وهو أن هذه الصورة التي ادعى أن العقل الصريح لا يأباها: إما أن تكون مستلزمة لإمكان ما أحاله المنازع، أو لا تكون مستلزمة لإمكانه؛ فإن لم تكن مستلزمة لم يكن جوابا أصلا، وإن كانت مستلزمة كانت غايته أنه قدح فيما [ ص: 153 ] ذكره المنازع من العلم الضروري بحجة نظرية؛ لأنه يقول: العقل يجوز هذا، وتجويز هذا يستلزم تجويز ذاك، والقدح في الضروريات بالنظريات غير مقبول؛ لأن الضروريات أصل النظريات فلو جاز القدح في الضروريات بالنظريات لكان ذلك قدحا في أصل النظريات، والقدح في أصل الشيء قدح فيه نفسه، فيكون القدح في الضروريات بالنظريات يتضمن القدح في الضروريات والنظريات، وإذا كان على هذا التقدير لا تصح الضروريات ولا النظريات لم يكن هذا علما ولا كلاما صحيحا، فلا يقدح به في شيء، وهذا من الكلام الذي اتفق سلف الأمة وأئمتها على ذمه وهو كما قيل:


حجج تهافت كالزجاج تخالها حقا وكل كاسر مكسور



وإذا كان القدح في الضروريات بالنظريات مستلزما ألا يكون واحد منهما علما، ولا يثبت أنه حق وصدق كان كلام القادح [ ص: 154 ] ليس علما، ولا يثبت أنه حق وصدق، فلا يكون مقبولا، فثبت أنه على التقديرين لا يقبل ما ذكره، وليس هو علما ولا ثبت أنه حق وصدق، فبقي ما قاله المنازع على حاله غير مقدوح فيه.

التالي السابق


الخدمات العلمية