الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الخيار الذي جعل للحالف المستثني في يمينه بين أن يفعل ما حلف ليفعلنه أو يدعه

                                                                                                                                                                              8946 - حدثنا يحيى بن محمد قال: حدثنا أبو عمر قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا أيوب ، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف فقال: إن شاء الله، فهو بالخيار، إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل".

                                                                                                                                                                              8947 - حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة ووهيب، وعبد الوارث قالوا: حدثنا أيوب ، عن نافع، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فهو بالخيار، إن شاء مضى، وإن شاء ترك". [ ص: 156 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وغير جائز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد بقوله: "هو بالخيار" إلا أن يكون يمينا في مباح من الأمر، إن شاء فعل الأمر وإن شاء لم يفعله، فأما ترك فرض أو إتيان معصية فلا يجوز أن يتوهم متوهم أنه أراد ذلك.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وفي خبر أبي هريرة ، وخبر ابن عمر في قوله: "إن شاء الله" دليل على أن الاستثناء المسقط لكفارة اليمين إنما هو مستثنى تكلم بالاستثناء، فأما من استثنى ولم يقل بلسانه، بل استثنى بقلبه فليس ذلك بمستثن؛ لقوله: "فقال: إن شاء الله".

                                                                                                                                                                              8948 - حدثنا إسحاق ، قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن نافع قال: كان ابن عمر يحلف فيقول: والله لا أفعل كذا وكذا إن شاء الله، فيفعله، ثم لا يكفر.

                                                                                                                                                                              8949 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري، ومعمر ، عن أيوب ، عن نافع، عن ابن عمر ، وعن عبد الرحمن بن القاسم [عن القاسم ] بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود قالا: من حلف فقال: إن شاء الله لم يحنث.

                                                                                                                                                                              8950 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن مجاهد ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال: من استثنى فلا حنث عليه ولا كفارة. [ ص: 157 ]

                                                                                                                                                                              وحدثني علي، عن أبي عبيد بعد أن ذكر [أحاديث] توافق هذه الأخبار قال: وبهذا كله كان يأخذ سفيان الثوري ، وأهل العراق ، ومالك ، وأهل الحجاز ، والأوزاعي ، وأهل الشام ، والليث بن سعد ، وأهل مصر ، وعليه جماعات العلماء من أهل الآثار وأهل الرأي أن قوله: إن شاء الله [استثناء] في يمينه، وأن لا يكون مع اتصالها باليمين حنث في شيء منها إذا كان يريد به الثنيا في الرجوع عما حلف عليه.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وكذلك قال الشافعي ، وأحمد، وإسحاق ، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية