الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر إثبات الرجم على الثيب الزاني

                                                                                                                                                                              قال الله - جل ذكره - : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء ) .... إلى قوله: ( وأحسن تأويلا ) وقال: ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ، وقال: ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره ) ..... الآية، فقد ألزم الله خلقه طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم واتباع أمره، فمما ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر به: الرجم . [ ص: 425 ]

                                                                                                                                                                              وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: نزلت في كتاب الله وأقرأناها .

                                                                                                                                                                              وقال عمر: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده وقد رجم بعد عمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فالرجم ثابت بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وباتفاق عوام أهل العلم عليه .

                                                                                                                                                                              9117 - أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت عليه بينة، أو كان الحمل، أو الاعتراف .

                                                                                                                                                                              9118 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: سمعت عمر يقول: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل معه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، وإني خائف أن يطول بنا الزمان فيقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى إذا أحصن وقامت البينة، [ ص: 426 ] أو كان الحمل، أو الاعتراف .

                                                                                                                                                                              9119 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتي [بيهوديين] زنيا، فأرسل إلى قارئهم فجاء بالتوراة، فسأله: "أتجدون في كتابكم الرجم؟" . فقال: لا ولكنهما [يجبهان ويحممان] قال: فقال - أو قيل له: اقرأ، فوضع يده على آية الرجم، فجعل يقرأ حولها، فقال عبد الله بن سلام: أخر كفك، فأخر كفه فإذا هو بآية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما. قال ابن عمر: فلقد رأيتهما يرجمان وإنه ليقيها الحجارة .

                                                                                                                                                                              9120 - حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: رجم النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم ورجلا من اليهود وامرأة [ ص: 427 ] قال أبو بكر: وممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجم: ابن عباس، وجابر بن سمرة، وعمران بن حصين، وابن مسعود، وزيد بن ثابت .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسناد الثابت أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خلال: بكفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس" .

                                                                                                                                                                              وممن رأى على الزاني المحصن الرجم: مالك بن أنس فيمن تبعه من أهل المدينة، والأوزاعي فيمن قال بقوله من أهل الشام، وسفيان الثوري، وسائر أهل العراق، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان، ومحمد، وبه يقول عوام أهل الفتيا من علماء الأمصار .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية