الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر أبواب النفي

                                                                                                                                                                              ذكر وجوب النفي مع الجلد على البكر الزاني

                                                                                                                                                                              ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أوجب على الزاني البكر جلد مائة وتغريب عام .

                                                                                                                                                                              9173 - حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن رجلا من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله... وذكر بعض الحديث، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الغنم والوليدة رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام" .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وفي حديث عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم - وقد ذكرناه في غير هذا الموضع - أنه قال: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب سنة" .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وبمثل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول، فإذا أقر الرجل بالزنا أو ثبتت عليه بذلك بينة وجب جلده ونفيه عن البلد الذي أصاب فيه الزنا، فإذا رجع بعد نفيه عن البلد نفي حتى يكون عاما منفيا عن البلد الذي أصاب فيه الزنا . [ ص: 490 ]

                                                                                                                                                                              واختلف أهل العلم بعد ثبوت هذه الأخبار في نفي البكر الزاني: فروي عن الخلفاء الراشدين المهديين أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب - رضوان الله عليهم - أنهم رأوا نفي الزاني، وممن رأى ذلك: ابن عمر وأبي بن كعب .

                                                                                                                                                                              9174 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد أن رجلا وقع على جارية بكر فأحبلها، فاعترف ولم يكن أحصن، فأمر به أبو بكر فضرب مائة ثم نفي .

                                                                                                                                                                              9175 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب نفى إلى فدك .

                                                                                                                                                                              9176 - حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا العباس بن الحسين القنطري أبو الفضل، قال: حدثنا مبشر، عن شعيب، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، أن رجلا وقع على جارية بكر فأحبلها، ثم اعترف على نفسه ولم يكن أحصن، فأمر به أبو بكر فجلد ثم نفي عاما .

                                                                                                                                                                              9177 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا هشيم، عن الشيباني، قال: سمعت الشعبي يقول: إن عليا جلد ونفى، قال: وأحسبه نفى إلى البصرة . [ ص: 491 ]

                                                                                                                                                                              9178 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر نفى إلى فدك .

                                                                                                                                                                              9179 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: حدثنا أبو عمر الحوضي، قال: حدثنا أبو عوانة، عن فراس، عن عامر، عن مسروق، عن أبي بن كعب، قال: البكران يجلدان ثم ينفيان، والثيبان يرجمان، واللذان قد بلغا سنا يجلدان ثم يرجمان .

                                                                                                                                                                              وبه قال عطاء، وطاوس، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة يقل عددها، ولا معنى لقولها، إذ قولها خلاف الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلاف قول الخلفاء الراشدين وسائر أهل الفتيا من علماء الأمصار: كفى بالنفي فتنة. هذا قول النعمان، وابن الحسن، وحكي ذلك عن حماد بن أبي سليمان، وقد ذكرت العلل التي اعتل بها من أنكر النفي، وما يدخل عليهم، في الكتاب الذي اختصرت منه هذا الكتاب تركت ذكره (هنا) استغناء بالسنة وميلا إلى الاختصار . [ ص: 492 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية