الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              صفة الشهادة على الزنا

                                                                                                                                                                              جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لماعز: "أنكحتها حتى غاب ذلك منك في ذلك منها، كما يغيب المرود في المكحلة والرشا في البئر؟" قال: نعم .

                                                                                                                                                                              9229 - حدثنا إسحاق، قال: قرأنا على عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرنا أبو الزبير، عن عبد الرحمن - هو ابن هضهاض، عن أبي هريرة: أنه سمعه يقول: جاء الأسلمي نبي الله فشهد على نفسه أنه أصاب يريد امرأة حراما أربع مرات كل ذلك يعرض عنه فأقبل في الخامسة فقال: "أنكتها؟" قال: نعم. [قال] : "حتى غاب ذلك [ ص: 553 ] منك في ذلك منها كما يغيب المرود في المكحلة والرشا في البئر" قال: نعم. قال: "هل تدري ما الزنا؟ " قال: نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا قال: "فما تريد بهذا القول؟" قال: أريد أن تطهرني فأمر به فرجم .

                                                                                                                                                                              وكان معاوية بن أبي سفيان يقول: لا يجب الحد حتى يرى [المرود] .

                                                                                                                                                                              وهذا قول الزهري، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              9230 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو النعمان، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن عتيق، عن محمد بن سيرين أن قوما شهدوا عند عثمان على رجل بزنا فقال: تشهدون أنكم رأيتموه؟ وأومأ بأصبعه إلى كفه.

                                                                                                                                                                              9231 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج، حدثنا حماد قال: أخبرنا علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، أن أبا بكرة، وزيادا، ونافعا، وشبل بن معبد كانوا في دار أبي عبد الله في غرفة ورجل في أسفل ذلك إذ هبت ريح ففتحت الباب ورفعت الشف فإذا رجل بين فخذيها [ ص: 554 ] فقال رجل: قد ابتلينا بما ترون، فتعاقدوا أن يقوموا بشهادتهم، فلما حضرت صلاة الظهر أراد الرجل أن يتقدم فيصلي بالناس فمنعه أبو بكرة، وقال: والله لا تصلي بنا وقد رأينا ما رأينا فقال الناس: دعوه فليصل فإنه الأمير، واكتبوا بذلك إلى عمر، فكتبوا إلى عمر، فكتب عمر: أن اقدموا علي، فلما قدموا عليه شهد عليه أبو بكرة، ونافع، وشبل، وقال زياد: قد رأيت (رعة) سيئة ورأيت ورأيت، ولكن لا أدري نكحها أو لا، فجلدهم عمر إلا زيادا، فقال أبو [بكرة] : ألستم قد جلدتموني؟ قالوا: بلى. قال: فأشهد بالله ألف مرة لقد فعل، فأراد عمر أن يجلده الثانية، فقال علي: إن كانت شهادة أبي بكرة شهادة رجلين فارجم صاحبك، وإلا فقد جلدتموه .

                                                                                                                                                                              9232 - ومن حديث محمد بن [عبد الله بن عبد] الحكم، عن ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان وهو يقول [ ص: 555 ] بالمدينة: لا يجب الحد حتى يرى المرود في المكحلة. قال يونس: قال ابن شهاب: الشهادة على الزنا أن يقول كالمرود في المكحلة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: لا يقبل في الزنا أقل من أربعة شهداء، فإذا شهدوا وكانوا عدولا وذكروا أنهم رأوا ذلك منه يدخل في ذلك منها دخول المرود في المكحلة ولم يختلفوا في الأوقات ولا المواضع، وأثبتوا أن الذي شهدوا عليه محصن وجب الرجم على المشهود عليه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية