الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الكسوة:

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيما يجزئ أن يكسو في كفارة اليمين، فقالت طائفة [يعطي كل مسكين] ثوبا، كذلك قال عطاء ، وطاوس ، والحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، غير أن النخعي قال: ثوبا جامعا لكل مسكين، وقال مجاهد وعكرمة: لكل مسكين ثوب، قميص أو إزار، وقال الزهري : إزار فصاعدا.

                                                                                                                                                                              وممن رأى أن ثوبا يجزئ كل مسكين: سفيان الثوري والأوزاعي ، غير أن الأوزاعي قال: لا تجزئ السراويل؛ لأنه نصف ثوب، وتجزئ العمامة، ولا تجزئ القلنسوة.

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: يجزئ ما وقع عليه اسم كسوة من عمامة، أو سراويل، أو إزار، أو مقنعة، وغير ذلك للرجل والمرأة، [لأن] ذلك كله يقع عليه اسم كسوة، وحكي عن الشافعي أنه قال: ثوب يواري من السرة إلى الركبة، وكان أبو ثور يقول: يجزئ ثوب ولا يجزئ نصف ثوب، ولا يجزئ نعل، ولا خف، ولا عمامة. [ ص: 189 ]

                                                                                                                                                                              وقال أحمد، وإسحاق : يكسو ثوبا جامعا تجوز فيه الصلاة. وقال أبو عبيد : يجزئ الثوب الواحد.

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إن أعطى كل مسكين ثوبا؛ إزارا أو رداء أو قميصا أو قباء أو كساء أو سراويل فإن ذلك يجزئه من الكفارة، إذا كسا عشرة مساكين، ولا يجزئ نصف ثوب لكل مسكين، ولا تجزئ قلنسوة ولا خفان ولا نعلان.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : قال الله: ( أو كسوتهم ) فكل ما يقع عليه اسم كسوة مما قاله أحد من أهل العلم جائز على ظاهر الكتاب، إلا ما منع منه إجماع، فأما ما يحكى عن الأشعري أنه كسا ثوبين ثوبين فيحتمل أن يكون ذلك تطوعا تطوع به؛ إذ لا أعلم أحدا قال: لا يجزئ أقل من ثوبين للرجال والنساء.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن يكسو ثوبين ثوبين لكل مسكين، روي هذا القول عن أبي موسى الأشعري .

                                                                                                                                                                              8983 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن هشام، عن محمد أن أبا موسى حلف على يمين فبدا له أن يكفر فكسا ثوبين ثوبين من معقدة البحرين . [ ص: 190 ]

                                                                                                                                                                              8984 - حدثنا علي، عن أبي عبيد ، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن هارون بن إبراهيم الأهوازي، قال: حدثنا محمد بن سيرين ، عن عبد الله بن جبير، أن الأشعري آلى من امرأته، قال: فزعم ابن جبير أن الأشعري أمره أن يكفر عن اليمين بكسوة عشرة مساكين لكل مسكين ثوبان.

                                                                                                                                                                              وكذلك قال الحسن، وابن سيرين ، وقال سعيد بن المسيب : عباءة، وعمامة.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو إن كسا الرجال كساهم ثوبا ثوبا، وإن كسا النساء كساهن ثوبين ثوبين، درع وخمار لكل امرأة، وذلك أدنى ما يجزئ كلا في صلاته، هذا قول مالك بن أنس .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية