الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر مسائل من هذا الباب:

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وإذا دخل السارق الدار فأخذ المتاع ورمى به إلى السكة، ثم خرج فأخذ المتاع قطع في قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، وكذلك نقول، وإذا دخل السارق الدار فأخذ متاعا وناوله رجلا خارجا من الدار، ففي قول مالك بن أنس: إذا أخرجه الداخل من حرزه فناوله الخارج قطع الداخل ولم يقطع [ ص: 311 ] الخارج. وهذا على مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور، وقال أصحاب الرأي: إذا أخذها وهو في الدار فناولها رجلا على باب الدار لم يقطع واحد منهما .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: يقطع، لأنه سارق قد أخرج المتاع من حرزه .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في رجل نقب بيتا فأدخل يده فأخرج ثوبا، فكان مالك يقول: يقطع ولو أدخل قصبة فأخرجه قطع. وكذلك قال أبو ثور، وهو يشبه مذهب الشافعي، وبه قال يعقوب، وقال النعمان: لا يقطع، لأنه لم يدخل البيت .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: يقطع لأنه سارق متاعا من حرز .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وإذا كانا اثنين فنقبا البيت ودخل أحدهما فأخرج المتاع، فلما خرج به حملاه معا، فالقطع على الذي أخرج المتاع ويعزر الآخر، في قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، وكذلك نقول .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في النفر يدخلون الدار ويجمعون المتاع ويحملوه على أحدهم ويخرجون معه، فقالت طائفة: القطع على الذي أخرج المتاع. كذلك قال الشافعي وأبو ثور، وقال أصحاب الرأي: إذا كان [ ص: 312 ] المتاع يساوي ألف درهم فينبغي في القياس أن لا يقطع إلا الذي خرج بالمتاع، وفي الاستحسان يقطعون كلهم وبه يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد، واختلف في هذه المسألة عن مالك، فحكى ابن أبي أويس عنه أنه قال: يقطعون جميعا قال: وإنما ذلك عندي بمنزلة ما لو حملوا ذلك المتاع على حمار أو غير ذلك. وحكى ابن القاسم عنه أنه قال: لا يقطع إلا من حمله وحده .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: القطع على من أخرج المتاع من الحرز دون أصحابه .

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيمن سرق باب دار أو باب مسجد، وقد كان مغلقا [مشدودا] كما تشد الأبواب، فقالت طائفة: يقطع كذلك قال ابن القاسم صاحب مالك وأبو ثور، وهو يشبه مذهب الشافعي، وبه نقول، لأن الناس مع حبهم لأموالهم وشحهم عليها (لذلك) يحرزون أبواب دورهم .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي فيمن سرق باب دار أو باب مسجد: لا قطع عليه، لأنه ظاهر . [ ص: 313 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية