الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر رجوع الوالد فيما يهب ولده ورجوع الجد فيما يهب ولد ولده

                                                                                                                                                                              واختلفوا في رجوع الواهب فيما يهب لولده. [ ص: 30 ]

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: له أن يرجع فيه، هذا قول الأوزاعي ، والشافعي ، وأبي ثور .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: ليس للوالد أن يرجع فيما يهب ولده، صغيرا كان الولد أو كبيرا، غنيا أو محتاجا، إذا كانت هبة مقبوضة، والأم والأب في ذلك سواء.

                                                                                                                                                                              هذا قول أصحاب الرأي، وجملة قولهم أن ليس لأحد أن يرجع فيما وهب لذي رحم محرم، وهذا قول عبيد الله بن الحسن .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن من نحل ولدا له نحلا، أو أعطاه عطاء ليس بصدقة، أن له أن يعتصر ذلك إن شاء ما لم يستحدث الولد فيه دينا يداينه الناس ويأمنونه عليه من أجل ذلك العطاء الذي أعطاه أبوه، فليس لأبيه أن يعتصر من ذلك شيئا بعد أن تكون عليه الديون. هذا قول مالك.

                                                                                                                                                                              وقال مالك: أو يعطي الرجل ابنه أو ابنته المال، فينكح المرأة الرجل، إنما ينكحه لغناه وللمال الذي أعطاه أبوه، فيريد الأب أن يعتصر ذلك، أو يتزوج الرجل المرأة وقد نحلها أبوها النحل، وإنما يتزوجها ويرفع في صداقها لغناها، ولما أعطاها أبوها، فليس للأب أن يعتصر من ابنه ولا من ابنته شيئا من ذلك إذا كان على ما وصفت. [ ص: 31 ]

                                                                                                                                                                              وقال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه أن كل من تصدق على ابنه بصدقة فقبضها الابن أو كان في حجر أبيه، فأشهد له على صدقته، فليس له أن يعتصر شيئا من ذلك؛ لأنه لا يرجع في شيء من الصدقة.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وبالقول الأول أقول؛ لحديث طاوس ، عن ابن عمر ، وابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... وقد ذكرناه فيما مضى.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في رجوع الجد والجدة فيما [يهبان] لأولاد أولادهما، فقال مالك، وأصحاب الرأي: ليس لهما أن يرجعا في ذلك، وقال أبو ثور : لهما أن يرجعا فيما [يهبان] لأولاد أولادهما؛ وذلك أن الجد والد من قبل الأب والأم؛ وذلك أن الله - عز وجل - قال: ( واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ) فحكى الله عن يوسف مقالته، ولو كان لا يكون الجد والدا ما حكاه الله عنه، ولنهاه عن ذلك، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن ابني هذا سيد" يعني الحسن بن علي ، وإنما هو ابن ابنته، وكذلك الأم والجدة إذا أعطيا الولد أو ولد الولد؛ وذلك أن الله قال: ( إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ) فقد سمى الله والدا ووالدة والدين إذا اجتمعا، وكذلك الجدة يقال لها والدة في اللغة. [ ص: 32 ]

                                                                                                                                                                              8824 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ، أخبرنا محمد بن الفضل، قال: حدثنا أبو النعمان ، قال: حدثنا حماد بن زيد ، عن علي بن زيد ، عن الحسن، عن أبي بكرة ، قال: ارتفع الحسن بن علي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر فضمه إليه وقال: "إن ابني هذا سيد، وإن الله عله أن يصلح به بين فئتين من المؤمنين عظيمتين".

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية