الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              جماع أبواب الإقرار الذي يوجب القطع

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الإقرار الموجب للقطع، فقالت طائفة: لا تقطع يد السارق حتى يقر مرتين. كذلك قال ابن أبي ليلى ويعقوب، وحكي ذلك عن ابن شبرمة وزفر، وبه قال أحمد وإسحاق، وقد روينا عن علي بن أبي طالب أن رجلا اعترف عنده بالسرقة فطرده ثم رجع الثانية فاعترف فقال علي: شهدت على نفسك مرتين فقطعه .

                                                                                                                                                                              9039 - حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله، عن سفيان، قال: حدثنا الأعمش، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فاعترف عنده بالسرقة فطرده، ثم رجع الثانية فاعترف فقال علي: شهدت على نفسك مرتين. فقطعه، قال: فرأيت يده معلقة في عنقه. وأوجبت طائفة عليه القطع إذا اعترف مرة، هكذا قال عطاء وسفيان الثوري والشافعي والنعمان ومحمد وأبو ثور، وبه نقول، [لأن] الاعتراف معروف في اللغة، فكل من أقر بالسرقة مرة واحدة قطع، لأنه معترف، وليس لقول من قال: إن اعتراف مرة كشهادة شاهد واحد، واعتراف مرتين كشهادة شاهدين، [ ص: 332 ] لأن المعترف شخص واحد فلو شهد شاهد واحد بشهادة مرتين كانت شهادة واحدة، وإنما يكون في معنى شاهدين إذا شهد مع الشاهد الواحد شاهد آخر، فإذا كان الشاهد إذا شهد بشهادة [واحدة] مرتين لم يكن (في) إعادته الشهادة فائدة، كان كذلك المعترف لا فائدة في اعترافه الثاني كما لا فائدة في إعادة الشاهد شهادته وليست الشهادة من الإقرار بسبيل، ولما لزم من خالفنا المقر بحقوق الناس بإقراره مرة واحدة ما أقر به، وجب كذلك أن يلزموه سائر الأحكام، وأما أمر ماعز فليس من هذا الباب بسبيل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شك في أمره وقال " [أبه] جنة" وقد قال: "واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" لما لم يشك في أمرها .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية