الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب في النذر في الصوم

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيمن نذر صوم يوم فوافق ذلك اليوم يوم عيد.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: يفطر ويقضيه، هذا قول النخعي والحسن والأوزاعي وأبي عبيد.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: لا قضاء عليه، كذلك قال مالك، وقد حكي عن مالك - رحمه الله - أنه قال: أرى أن يقضيه، إلا أن يقول: لم أرده بعينه، ولا المرض ولا رمضان، فلا أرى عليه قضاء ذلك اليوم. [ ص: 272 ]

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: لا قضاء عليه، وذلك إذا قال: لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا، فوافق فيما يستقبل يوم فطر أو أضحى، لا قضاء عليه، وقال في كتاب الصوم: ومن نذر صوم يوم الجمعة فوافق يوم فطر أفطر وقضى، ومن نذر أن يصوم يوم الفطر بعينه لم يصمه ولم يقضه؛ لأنه ليس له صومه.

                                                                                                                                                                              وكان الحكم وحماد يقولان: إذا نذرت امرأة أن تصوم كل يوم جمعة فوافقها يوم الفطر والنحر، قالا: تكفر يمينها كل يوم وافق ذلك، وتصوم يوما مكانه.

                                                                                                                                                                              وقال جابر بن زيد : تطعم مسكينا.

                                                                                                                                                                              وقال قتادة : تصوم يوما مكانه.

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : تفطر وتقضي يوما مكانه، إذا قال: لله علي أن أصوم غدا، وكان يوم الأضحى وهو لا يعلم.

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيمن نذر صوم سنة بغير عينها، فكان الشافعي يقول: يفطر يوم النحر ويوم الفطر وأيام منى ويقضيها.

                                                                                                                                                                              قال: وإن نذر صوم سنة بعينها فإنها كلها إلا رمضان، فإنه يصومه لرمضان، ويوم الفطر والنحر وأيام التشريق، ولا قضاء عليه، وكان مالك - رحمه الله - يقول: إذا لم ينو شيئا صام اثني عشر شهرا سوى رمضان، ويصوم مكان يوم الفطر ويوم الأضحى، ويصوم أيام التشريق في نذره لصيامه السنة.

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : [ ص: 273 ] إذا قال: لله علي صوم سنة بعينها، فأفطر يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق قضاهن، وقد أوفى بنذره.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يقول: علي صيام شهر، لا ينوي مقطعا ولا متتابعا، فقال مالك: أحب إلي أن يصوم ثلاثين يوما متتابعا.

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول: يصوم شهرا متتابعا بالأهلة، وإما بالأيام. وكان الشافعي يقول: ومن نذر صوم أيام، ولم يقل بعضها ولم ينوها أحببت أن يتابعها، فإن فرقها أجزأه، وفي كتاب محمد بن الحسن : إذا نوى شهرا بغير عينه فرق ذلك إن شاء.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية