الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الخبر المفسر الذي فيه صفة العمرى التي أجازها النبي وجعلها للمعمر ولورثته يملكون هبة ذلك كسائر ماله.

                                                                                                                                                                              8849 - حدثنا يحيى بن إبراهيم، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن جابر بن عبد الله ، قال: إنما [ ص: 64 ] العمرى التي أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها، وكان [ الزهري ] يفتي به.

                                                                                                                                                                              8850 - حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثنا المقرئ، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة [عن جابر] : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالعمرى أن يهب الرجل للرجل ولعقبه الهبة، فيستثنى: إن حدث بك وبعقبك فهي إلي وإلى عقبي، أنها لمن أعطيها ولعقبه.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد كان محمد بن يحيى النيسابوري يقول: في حديث معمر منتهى الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "هي لك ولعقبك" وما بعده عندنا من كلام الزهري ، فأدرجه معمر ، ولم يتابعه عليه مالك ولا ابن أبي ذئب ، [ ص: 65 ] ولا ابن أخي الزهري ، ولا الليث .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ووافق محمد بعض أصحابنا، وقال: والدليل على صحة هذا القول أن الزيادة من كلام الزهري حديث قتادة .

                                                                                                                                                                              8851 - حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو عمر الحوضي، قال: أخبرنا همام قال: أخبرنا قتادة قال: قال لي سليمان بن هشام: ما تقول في العمرى؟ فقلت له: حدثني النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرى جائزة" قال: وقال الزهري : إنها لا تكون عمرى إلا أن يجعل له ولعقبه من بعده.

                                                                                                                                                                              قال: فقال لعطاء : ما تقول؟ قال: حدثني جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرى جائزة" فقال الزهري : إن الخلفاء لا يقضون بذلك، قال عطاء : بلى قضى به عبد الملك بن مروان في كذا وكذا. [ ص: 66 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : قال هذا القائل: فلو كان الزهري سمع من أبي سلمة ، عن جابر أن المعمر إذا مات ولم يكن المعمر قد جعل العمرى لعقب المعمر رجعت العمرى إلى المعمر، لأشبه أن يحتج عند المناظرة عند السلطان لما خولف في فتياه، فتذكر حديث أبي سلمة ، عن جابر، ولم يفزع إلى أن الخلفاء لا يقضون بهذا.

                                                                                                                                                                              قال: وهذا يدل على توهين خبر معمر ، وحديث ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر يدل على توهين خبر معمر .

                                                                                                                                                                              8852 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله قال: أعمرت امرأة بالمدينة حائطا لها ابنا لها، ثم توفي وترك ولدا، وتوفيت بعده وتركت ولدين آخرين، بنو المعمرة، أظنه قال: فقال ولد المعمرة، رجع الحائط إلينا، وقال ولد المعمر: بل كان لأبينا حياته وموته، فاختصموا إلى طارق مولى عثمان، فدخل جابر فشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرى لصاحبها، فقضى بذلك طارق، ثم كتب إلى عبد الملك فأخبره بذلك وأخبره بشهادة جابر، فقال عبد الملك: صدق جابر، فأمضى ذلك طارق، وقال: ذلك الحائط لبني [المعمر] إلى اليوم. [ ص: 67 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية