الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل:

                                                                                                                                                                              وإذا حلف أن لا يقعد على الأرض ولا نية له فقعد على فراش، أو مصلى، أو وسادة، أو حصير لم يحنث في قول أبي ثور ، وأصحاب الرأي، وكذلك كل ما قعد عليه مما سمينا ولم نسم غير ثيابه التي يلبس، فإنه يحنث في قعوده في ثيابه.

                                                                                                                                                                              وإذا حلف أن لا يمشي على الأرض ولا نية له فمشى عليها حافيا، أو بنعلين أو بخفين حنث في قولهم جميعا، ولو مشى على بساط أو على فراش لم يحنث في قولهم جميعا.

                                                                                                                                                                              وإذا حلف أن لا يشتري طعاما ولا نية له، ففيها قولان:

                                                                                                                                                                              أحدهما: أن كل شيء يؤكل فهو طعام.

                                                                                                                                                                              والآخر: أن الطعام قد يقع على الحنطة، هكذا قال أبو ثور ، وقال أصحاب الرأي: إن اشترى حنطة، أو دقيقا، أو تمرا، أو شيئا من الفواكه مما يؤكل فإنه يحنث في القياس، وأما في الاستحسان فينبغي أن لا يحنث إلا في الخبز، والدقيق، والحنطة.

                                                                                                                                                                              ولو أن امرأة حلفت لا تلبس حليا فلبست خاتم فضة حنثت في قول أبي ثور ، وكذلك نقول، ولا تحنث في قول أصحاب الرأي، ولو لبست [ ص: 258 ] عقد لؤلؤ أو قرطين، أو قلادة حنثت في قول أبي ثور ، وأبي يوسف، ومحمد ، ولا تحنث في قول أبي حنيفة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : تحنث؛ لأن الله - عز وجل - قال: ( وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها ) والبحر يستخرج منه الحب.

                                                                                                                                                                              وإذا حلف رجل أن لا يتزوج اليوم فتزوج امرأة بغير شهود لم يحنث في قول الشافعي ، وكذلك قال أصحاب الرأي، وقالوا: كان ينبغي في القياس أن يحنث.

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : يحنث إذا أعلنوا النكاح.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقول مالك كقول أبي ثور ، والذي أرى أن يحنث؛ لأن إيجاب الشهود في عقد النكاح لا يثبت بحجة.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية