الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل من أبواب الشهادات على الزنا

                                                                                                                                                                              كان أبو ثور وأصحاب الرأي يقولون: إذا شهد ثلاثة رجال وامرأتان على رجل بالزنا حدوا جميعا، وذلك أن شهادة النساء لا تجوز في الحدود .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ولا يجوز على مذهب الشافعي شهادة النساء في الحدود .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وإن أقر رجل مرتين بالزنا وشهد عليه شاهدان، حد بإقراره ولم يحد الشاهدان، لأنه قد أقر بما شهدا عليه، وهذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور وأصحاب الرأي لا يحد . [ ص: 567 ]

                                                                                                                                                                              وإذا شهد أربعة من أهل الذمة على ذمي أنه زنى بمسلمة لم تقبل شهادتهم في قول الشافعي ولا يحد الرجل ولا المرأة، وكذلك قال أبو ثور، وأصحاب الرأي، وقد كان يجب على أصولهم أن يحدوا الذمي، لأنهم يجيزون شهادة بعضهم على بعض .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل ينفي الرجل يقول: لست ابن فلان .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: يسأل المنفي البينة أنه ابن فلان فإن أخرج ضرب القاذف. هكذا قال الثوري. ولا يستحلف القاذف ولا المقذوف. وقال النعمان وسئل عن رجل قذف رجلا، فلما رافعه قال: إن أمه يهودية أو نصرانية قال: يسأل هذا البينة أن أمه حرة مسلمة. وهذا قول الشافعي وبه قال أبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقال عطاء بن أبي رباح: إنما البينة على النافي .

                                                                                                                                                                              وقال مالك: لا يكلف المقذوف البينة، ولكن يكلف القاذف المخرج مما قال، وإن لم يأت بالمخرج ضرب فقيل لمالك: أفرأيت الرجل الغريب في القوم يدعي أنه من بني فلان فينفيه رجل من الناس ويقول: لست منهم؟ قال: إذا كان لا يعرف ممن هو فإن عليه أن يقيم نسبه ببينة، وحكي عن أشهب أنه قال كقول النعمان . [ ص: 568 ]

                                                                                                                                                                              واختلفوا في شاهدين شهد أحدهما أنه قذف فلانا يوم الخميس، وشهد الآخر أنه قذف فلانا يوم الجمعة والمقذوف رجل واحد ففي قول مالك يحد .

                                                                                                                                                                              قال مالك: وكذلك العتاق والطلاق، وقال مالك: لو شهد رجل أنه طلق امرأة في رجب وآخر في رمضان طلقت عليه .

                                                                                                                                                                              وفي كتاب محمد بن الحسن إذا شهد أحدهما أنه قال: يا زان يوم الخميس، وقال الآخر: أشهد أنه قال: يا زان يوم الجمعة وهما عدلان قال: أقبل شهادتهما، وهذا قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد، يدرأ عنه .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: ولو شهد رجل أنه قذفها بالزنا يوم الخميس وآخر أنه قذفها بالزنا يوم الجمعة لم تجز شهادتهما. وقال أبو ثور، فيها قولان أحدهما: تقبل شهادتهما، والآخر أن لا تقبل. قال أبو ثور: والقول الأول أقيسهما على مذهب أصحابنا، وبه نقول .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: قول الشافعي أصح . [ ص: 569 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية