الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              [ ص: 304 ] ذكر سرقة المواشي من الحرز و [من] غير الحرز

                                                                                                                                                                              جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس في شيء من الماشية قطع، إلا فيما آواه المراح فبلغ ثمن المجن، ففيه قطع اليد" .

                                                                                                                                                                              9027 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث وهشام بن سعد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلا من مزينة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف ترى في حريسة الجبل؟ قال: "هي ومثلها والنكال، ليس في شيء من الماشية قطع إلا ما آواه المراح فبلغ ثمن المجن ففيه قطع اليد، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثليه وجلدات نكال". قال: يا رسول الله، كيف ترى في الثمر المعلق؟ قال: "هو ومثله والنكال، وليس في شيء من الثمر المعلق قطع إلا ما آواه الجرين، فما أخذ من الجرين فبلغ ثمن المجن ففيه القطع، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثله وجلدات نكال" . وقد روي عن عطاء أنه قال في [ ص: 305 ] سارق الغنم وهي في مراعيها: عليه أن يغرم مثل ما أخذ، وإن هو سرقها بعد أن تأوي إلى مراحها، وكان ما سرق ثمن المجن فعليه القطع .

                                                                                                                                                                              حدثني علي عن أبي عبيد قال: فالحريسة تفسر تفسيرين، فبعضهم يجعلها السرقة نفسها، يقول: حرست [أحرس] حرسا إذا سرق، فيكون المعنى: أنه ليس فيما سرق من الماشية بالجبل قطع حتى يؤويها المراح، والتفسير الآخر أن تكون الحريسة هي المحروسة فنقول: ليس فيما يحرس بالجبل قطع، لأنه ليس بموضع حرز وإن حرس. وقال مالك بن أنس في البعير يحل من القطار: يقطع، وكذلك قال الشافعي .

                                                                                                                                                                              وكان مالك يقول: والإبل إذا كانت في رعيها لم يقطع، وإن أواها مراحها قطع من سرقها من هناك. وهذا قول الشافعي، وكذلك قال في التمر يسرق من الجرين القطع .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور في حائط عليه باب مغلق كسر الباب وأخذ منه شيئا من الحيوان: يقطع، لأن هذا حرز ولا قطع على من سرقه من مرعاه وليس معه حافظ. وقال أصحاب الرأي كما قال ولم يذكروا إن كان معه حافظ . [ ص: 306 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية