الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              أبواب صفة قطع يد السارق

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم فيما يجب قطعه من السارق، فقالت طائفة: إذا سرق قطعت يده اليمنى، فإذا سرق الثانية قطعت رجله اليسرى، ثم إن سرق الثالثة قطعت يده اليسرى، فإذا سرق الرابعة قطعت رجله اليمنى، فإن سرق الخامسة عزر وحبس، هذا قول مالك بن أنس فيمن تبعه من أهل المدينة، وبه قال قتادة ، وهو قول الشافعي وأصحابه، وبه قال إسحاق وأبو ثور، وقد ثبت عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب أنهما قطعا في السرقة اليد بعد اليد والرجل .

                                                                                                                                                                              9040 - حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد، عن سفيان، قال: حدثني خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قطع اليد بعد اليد والرجل في السرقة .

                                                                                                                                                                              9041 - حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا سعيد، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا خالد، عن خالد، قال: حدثنا عكرمة، عن ابن عباس قال: شهدت عمر قطع يدا بعد يد ورجل .

                                                                                                                                                                              9042 - حدثنا محمد بن علي، قال: ثنا سعيد، قال: حدثنا [ ص: 337 ] عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن صفية ابنة أبي عبيد أن رجلا سرق على عهد أبي بكر مقطوعة يده ورجله فأراد أبو بكر أن يقطع رجله ويدع يده يستطيب ويتطهر بها وينتفع بها .

                                                                                                                                                                              فقال عمر: لا والذي نفسي بيده لتقطعن يده الأخرى. فأمر به أبو بكر فقطعت يده .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: إذا سرق قطعت يده اليمنى، ثم إن سرق قطعت رجله اليسرى، فإن سرق بعد ذلك حبس واحتجوا بحديث روي عن علي أنه قال لعمر بن الخطاب وقد أتي برجل يقال له: سدوم، سرق فقطعه، ثم أتي به الثانية فقطعه، ثم أتي به الثالثة فأراد أن يقطعه، فقال له علي: لا تفعل، فإنما عليه يد ورجل، ولكن اضربه واحبسه .

                                                                                                                                                                              9043 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن إسرائيل بن يونس، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي، عن عمر أنه أتي برجل قد سرق يقال له: سدوم، فقطعه ثم أتي به الثانية.....

                                                                                                                                                                              وقال الزهري لم يبلغنا في السنة إلا قطع اليد والرجل لا يزاد عليه .

                                                                                                                                                                              وهذا مذهب حماد بن أبي سليمان، وروي ذلك عن ابن عباس، وقال أحمد بن حنبل كما روي عن علي بن أبي طالب . [ ص: 338 ]

                                                                                                                                                                              9044 - حدثنا أبو سعد، قال: حدثنا أبو سلمة، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن خلاس أن عليا قال: إني لأستحيي من ربي أن أقطعه بعد قائمتين، أدع له يدا يقضي بها حاجته ورجلا يمشي عليها، وأستودعه السجن .

                                                                                                                                                                              9045 - حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا سعيد، قال: حدثنا أبو معشر، عن سعيد [بن] أبي سعيد المقبري، عن أبيه قال: حضرت علي بن أبي طالب وأتي برجل مقطوع [اليد والرجل] قد سرق، فقال لأصحابه: ما ترون في هذا؟ قالوا: اقطعه يا أمير المؤمنين. فقال: أقتله إذن، وما عليه القتل، وبأي شيء يأكل الطعام، وبأي شيء يتوضأ للصلاة، وبأي شيء يغتسل من جنابته، وبأي شيء يقوم على حاجته؟! فرده إلى السجن أياما، ثم أخرجه واستشار أصحابه، فقالوا له مثل قولهم الأول، فقال لهم مثل ما قال لهم أول مرة، فجلده جلدا شديدا ثم أرسله .

                                                                                                                                                                              9046 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، [ ص: 339 ] عن نافع، عن ابن عمر قال: إنما قطع أبو بكر رجل الذي قطع يعلى بن أمية، وكان مقطوع اليد قبل ذلك .

                                                                                                                                                                              9047 - حدثنا موسى، قال: حدثنا شجاع، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا حجاج، عن عمرو بن دينار، عن نجدة، عن ابن عباس قال: إذا سرق الرجل قطعت يده اليمنى، فإن عاد قطعت رجله اليسرى، فإن عاد لم يقطع واستودع السجن. وروي ذلك عن الشعبي والنخعي والأوزاعي .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية