الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المكره على الزنا

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يكرهه السلطان على الزنا .

                                                                                                                                                                              فكان أبو ثور يقول: عليه الحد. وعليها إذا كانت طاوعته .

                                                                                                                                                                              وفي كتاب محمد بن الحسن قلت: أرأيت الرجل يكره حتى يزني بالمرأة فشهد عليه الشهود هل نقيم عليه الحد؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن الرجل لا يشبه المرأة المستكرهة، الرجل لا يزني إلا بشهوة، فشهوته تقطع الاستكراه. قلت: أرأيت إن استكرهه السلطان حتى زنى قال: هذا والأول سواء وعليه الحد. وقال أبو يوسف: رجع أبو حنيفة عن هذا بعد وقال: إذا أكرهه السلطان فزنى فلا شيء عليه، وإذا أكرهه غيره فزنى فعليه الحد .

                                                                                                                                                                              وقال محمد: إذا أكرهه غير السلطان فجاء من ذلك ما يشبه إكراه السلطان حتى يخاف على نفسه لم يحد أيضا . [ ص: 533 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: إن كان الحد إنما يجب إذا أكرهه غير السلطان للشهوة التي يجدها المكره، [فالحد] كذلك يجب إذا أكرهه السلطان، [لوجود] الشهوة، وإن كانت العلة التي من أجلها سقط الحد إذا أكرهه السلطان الإكراه، وإن وجد شهوة، فتلك العلة - وهي الإكراه - موجودة في الذي أكرهه غير السلطان، ولا سبيل إلى علة ثالثة يفرق بها بين إكراه السلطان وغير السلطان .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: لا يبين عندي أن على واحد من الرجل والمرأة حدا في باب الإكراه، لأن كل واحد منهما غير مريد ولا قاصد للفعل، والله أعلم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية