الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل من هذا الباب:

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيمن أكل في نهار صوم الكفارة ناسيا.

                                                                                                                                                                              فكان الشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي يقولون: يمضي في صومه، ولا قضاء عليه.

                                                                                                                                                                              وقال مالك: يقضي يوما مكانه.

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيمن صام صوم الكفارة في أيام التشريق، فكان الشافعي وأصحاب الرأي يقولون: لا يجزئه، وقال أبو ثور : يجزئه.

                                                                                                                                                                              واحتج ابن عمر ، وابن عباس أنهما رأيا أن يصومها المتمتع الذي لم يصم في العشر.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ليس على من أكل ناسيا في صوم الكفارة شيء؛ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأكل ناسيا في الصوم، وقوله: "فليمض في صومه؛ فإن الله أطعمه وسقاه".

                                                                                                                                                                              ولا يجزئ صوم أيام التشريق؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيامها. [ ص: 209 ]

                                                                                                                                                                              قال الشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي: إن صام في رمضان ينوي به الكفارة لم يجزه، ولا يجزئه عند الشافعي وأبي ثور من صوم رمضان، ويجزئه من صوم رمضان في قول أصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يحنث في اليمين، وماله غائب عنه.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: ليس له أن يكفر حتى يحضر المال إلا بإطعام أو كسوة أو عتق.

                                                                                                                                                                              هذا قول الشافعي ، قال ابن القاسم صاحب مالك: لا يجزئه الصوم ولكن يتسلف.

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : إن أمكنه أن يستقرض لم يجزه الصوم، وإن لم يمكنه أجزأه الصوم.

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إذا كان ماله غائبا عنه أو دينا له فكان لا يجد ما يطعم، أو يكسو، أو يعتق، أجزأه الصوم.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يوصي أن يصام عنه في كفارة اليمين.

                                                                                                                                                                              ففي قول الشافعي وأصحاب الرأي: لا يجزئه ذلك، وقال أبو ثور : يجزئه.

                                                                                                                                                                              وقد كتبت هذا الباب في غير هذا الموضع.

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيمن حنث وهو موسر فأعسر.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: لا نرى الصوم يجزئ عنه، ونأمره أن يصوم احتياطا، فإذا أيسر كفر، هكذا قال [ ص: 210 ] الشافعي .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور ، وأصحاب الرأي: يجزئه.

                                                                                                                                                                              وإن حنث وهو معسر ثم أيسر فقال الشافعي : أحببت له أن يكفر ولا يصوم، وإن صام ولم يكفر أجزأ عنه.

                                                                                                                                                                              وحكى الربيع ، عن الشافعي قولا آخر: إن حكمه في الكفارة يوم يكفر.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا أصح القولين، وبه قال أبو ثور ، وأصحاب الرأي؛ لأن من قول أهل العلم: إذا حضرت الصلاة وهو واجد للماء في أول الوقت فلم يتوضأ حتى عدم الماء أن له أن يتيمم، ولو وجبت عليه صلاة وهو لا يستطيع أن يقوم فلم يصلها حتى أطاق القيام لم يجزه إلا أن يصلي قائما، ولو زالت الشمس وهو مطيق أن يصلي قائما فلم يفعل حتى اعتل ولم يمكنه القيام فله أن يصلي قاعدا ولا إعادة عليه، وهذه الفرائض أحكامها وقت يؤديها المرء.

                                                                                                                                                                              وقد روي عن النخعي رواية توافق إحدى قولي الشافعي ، قال: إذا حلف وهو موسر فحنث فأخر الكفارة فعسر، قال: عليه كفارة الموسر، والقول الآخر أصح، وهو قول عامة أهل العلم.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية