الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر ما يجب على من قطع الطريق فأخذ أقل مما يقطع فيه اليد في السرقة

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المحارب يصيب من المال أقل مما يجب فيه قطع اليد: فقالت طائفة للإمام أن يحكم عليه كحكمه على المحارب إذا شهر السلاح وأخاف السبيل. هذا قول مالك بن أنس وأبي ثور. وقالت طائفة: لا يقطع من قطاع الطريق إلا من أخذ قدر ما يقطع فيه يد السارق .

                                                                                                                                                                              هذا قول الشافعي، وأصحاب الرأي، وقد ذكرت عنهما وعن غيرهما الاختلاف في قدر ذلك .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد فرق الله بين حكم المحارب والسارق فأوجب الله على المحارب قطع اليد والرجل، وأوجب على السارق قطع اليد لا غير، [ ص: 410 ] فكما جاز التغليظ على المحارب دون السارق في باب قطع اليد والرجل، فكذلك جائز أن يغلظ عليه فيوجب عليه قطع اليد، وإن أخذ أقل من قدر ما يجب فيه قطع اليد، ولا يجوز أن يقاس أصل على أصل، وهذا يلزم النعمان، لأنه فرق بين حكم المحاربة، وحكم القاتل في غير باب المحاربة، فزعم أن من قتل في المحاربة بعصا أو بحجر أو بغير ذلك بعد أن يقتله ويأخذ المال أن حكم المحارب له لازم تقطع يده ورجله من خلاف ويقتل أو يصلب، وهو لا يرى القود في غير باب المحاربة إلا على من قتل بحديدة، فإذا فرق بينهما وامتنع أن يجعل أحدهما قياسا على الآخر وجب عليه كذلك أن يمتنع من أن يجعل المحارب إذا أخذ أقل مما يجب في مثله قطع اليد قياسا على السارق. وكان الشافعي وأبو ثور يقولان: قطع الطريق بالعصا والرمي بالحجارة مثله بالسلاح .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية