الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              جماع أبواب كفارة الأيمان

                                                                                                                                                                              قال الله: ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ) .

                                                                                                                                                                              وأجمع أهل العلم على أن الحانث في يمينه بالخيار، إن شاء أطعم وإن شاء كسا، وإن شاء أعتق، يجزئه أي ذلك فعل.

                                                                                                                                                                              8972 - روي عن ابن عباس ، أنه قال: كل شيء [في القرآن] "أو أو" فهو مخير، وما كان: "فإن لم يجد" فهو الأول الأول.

                                                                                                                                                                              حدثناه علي بن الحسن ، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد ، عن سفيان، قال: حدثني ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الإطعام في كفارة اليمين، فقالت طائفة: لكل مسكين [مد] من طعام، روي هذا القول عن ابن عمر ، وابن عباس ، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة ، وهو قول عطاء ، والقاسم ، وسالم ، ومحمد بن سيرين .

                                                                                                                                                                              8973 - حدثنا إسحاق ، قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا [ ص: 178 ] ابن جريج ، عن نافع، عن ابن عمر ، أنه قال: يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين، لكل إنسان مد من حنطة.

                                                                                                                                                                              8974 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد ، عن سفيان قال: أخبرنا داود، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال: مد من بر ربعه بإدامه.

                                                                                                                                                                              8975 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا أبو نعيم ، قال: حدثنا هشام الدستوائي، عن يحيى، عن أبي سلمة ، عن [ زيد] بن ثابت أنه كان يقول: يجزئ طعام المساكين في كفارة اليمين مد من حنطة لكل مسكين.

                                                                                                                                                                              8976 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد ، قال: حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة ، قال: سمعت عطاء بن أبي رباح يحدث، عن أبي هريرة قال: ثلاث فيهن [مد مد] : كفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة الصيام.

                                                                                                                                                                              وبه قال الأوزاعي ، ومالك بن أنس ، والشافعي ، وأحمد، وإسحاق ، وأبو عبيد في كفارة اليمين، كذلك نقول. [ ص: 179 ]

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يطعم كل مسكين نصف صاع، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب ، ورواية ثانية عن [ زيد] بن ثابت ، وروي عن علي أنه قال: صاع من شعير أو نصف صاع من قمح.

                                                                                                                                                                              8977 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: حدثنا عبد الله، عن [سفيان] قال: حدثنا منصور ، عن أبي وائل ، عن يسار بن نمير ، قال: قال لي عمر بن الخطاب : إني أحلف أن لا أعطي رجالا ثم يبدو لي أن أعطيهم، فإذا رأيتني قد فعلت ذلك فأطعم عني عشرة مساكين نصف صاع من قمح، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، لكل مسكين.

                                                                                                                                                                              8978 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عمر مثله.

                                                                                                                                                                              8979 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن وكيع ، عن ابن أبي ليلى ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة، عن علي، قال: صاع من شعير، أو نصف صاع من قمح.

                                                                                                                                                                              8980 - حدثنا إسحاق قال: أخبرنا [ عبد الرزاق ، أبنا] ، معمر [ ص: 180 ] عن يحيى بن أبي كثير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن زيد بن ثابت في كفارة اليمين قال: مدين من حنطة لكل مسكين.

                                                                                                                                                                              8981 - وممن روي عنه أنه قال: نصف صاع من قمح لكل مسكين: مجاهد ، والنخعي ، وأبو مالك، وعكرمة، والشعبي ، وبه قال سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي، وقال أبو ثور : أحب إلي أن يطعم كل مسكين نصف صاع من طعام، واحتج بحديث عمر، وكان طاوس يقول: تطعم بالمد الذي تقوت به أهلك، وروي عن الحسن، وسعيد بن المسيب أنهما قالا: مد بر، ومد تمر لكل مسكين.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وبالقول الأول أقول، والحجة في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الواقع على أهله في شهر رمضان أن يطعم ستين مسكينا، ثم أعطاه خمسة عشر صاعا، فقال: تصدق بهذا.

                                                                                                                                                                              وقد ذكرت الحديث في كتاب الصوم، وحجة من رأى أن يطعم كل مسكين مدين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - كعب بن عجرة أن يطعم كل مسكين مدين في فدية الآدمي. [ ص: 181 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية