الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فقال قائل منهم: لا، بل نقول بالمعقول. قلنا: هنا ضللتم عن سواء السبيل، ووقعتم في تيه لا مخرج لكم منه؛ لأن المعقول ليس لشيء محدود موصوف عند جميع الناس فيقتصر عليه، ولو كان كذلك لكان راحة للناس، ولقلنا به ولم نعد، ولكن الله تبارك وتعالى قال: كل حزب بما لديهم فرحون [المؤمنون: 53 ] فوجدنا المعقول عند كل حزب ما [ ص: 428 ] هم عليه، والمجهول عندهم ما خالفهم، فوجدنا فرقكم -معشر الجهمية - في المعقول مختلفين، كل فرقة منكم تدعي أن المعقول عندها ما تدعو إليه، والمجهول ما خالفها. فحين رأينا المعقول اختلف منا ومنكم ومن جميع أهل الأهواء، ولم نقف له على حد بين في كل شيء، رأينا أرشد الوجوه وأهداها أن نرد المعقولات كلها إلى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى المعقول عند أصحابه المستفيضين بين أظهرهم؛ لأن الوحي كان ينزل بين أظهرهم، فكانوا أعلم بتأويله منا ومنكم، وكانوا مؤتلفين في أصول الدين لم يتفرقوا فيه، ولم تظهر فيهم البدع والأهواء الحائدة عن الطريق، فالمعقول عندنا ما وافق هديهم، والمجهول ما خالفهم، ولا سبيل إلى معرفة هديهم وطريقهم إلا هذه الآثار، وقد انسلختم منها وانتفيتم منها بزعمكم، فأنى تهتدون؟ ! ).

التالي السابق


الخدمات العلمية