فإن قال قائل : وكيف يجوز أن يوقت لأهل العراق  هذا الوقت ولم يكن يومئذ عراق ؟  قيل له : كما جاز أن يوقت لأهل الشام ،  ولم يكن يومئذ شام .  
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على علم أن العراق  ستكون ، وأن كنوز كسرى  ستفتح على المسلمين من بعده ،  وأخبر أصحابه مع ذلك أن أهل العراق  سيمنعون قفيزهم ودرهمهم الواجبين عليهم خراجا لأرضيهم ، وأن أهل الشام  سيمنعون مدهم ودينارهم الواجبين عليهم خراجا لأرضيهم ، وأن أهل مصر  سيمنعون إردبهم ودينارهم الواجبين عليهم خراجا لأرضيهم . فمما روي عنه في ذلك ما : 
 1162  - قد حدثنا  إبراهيم بن أبي داود ،  قال حدثنا  يحيى بن صالح الوحاظي  وما قد حدثنا فهد ،  قال حدثنا  أبو غسان النهدي ،  قالا : حدثنا  زهير بن معاوية ،  عن  سهيل بن أبي صالح ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة ،  قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : منعت العراق  قفيزها ودرهمها ، ومنعت الشام  مديها ودينارها ، ومنعت مصر  إردبها ودينارها ، وعدتم كما بدأتم ، وعدتم كما بدأتم ، وعدتم كما بدأتم ، شهد على ذلك لحم  أبي هريرة  ودمه .  
 [ ص: 29 ] قال  أبو جعفر   : لم يروه غير زهير . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر ما سيفعله أهل العراق  من منع الخراج ، ولا عراق  يومئذ ، لعلمه أنه ستكون العراق .  كما ذكر فيما سيفعله أهل الشام  ، ولا شام  يومئذ ، لعلمه أنه ستكون الشام .  
ولما كانتا عنده صلى الله عليه وسلم كائنتين لا محالة ، وقت لأهلها المواقيت لحجهم ، إذ كان لابد لهم من ذلك ، كما وقت لمن سواهم من أهل البلدان التي قد كانت قبل ذلك وهذا الذي ذكرناه في هذه المواقيت قول  أبي حنيفة ،   وأبي يوسف ،  ومحمد  فيما حدثنا سليمان ،  عن أبيه عن محمد   . غير ما حكيناه في حديث  أنس  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من توقيت العقيق  لأهل المدائن ، فإنهم كانوا لا يقولون بذلك ، ويجعلون المدائن  كما سواها من مدائن العراق ،  ويجعلون ميقات أهلها كميقات سائر أهل العراق  سواها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					