الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قوله تعالى : ( وللمطلقات متاع بالمعروف ) الآية .

                  قال الله عز وجل : ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) فكان ظاهر هذه الآية على جميع المطلقات ممن قد دخل به ، وممن لم يدخل به ، قد فرض له صداق ، وممن لم يفرض له صداق وقد ذهب إلى ذلك غير واحد من أهل العلم ، ورووا ما ذهبوا إليه من ذلك عن علي ، والحسن ، وابن جبير ، والضحاك بن مزاحم .

                  1896 - كما حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني يحيى بن أيوب ، وموسى بن أيوب الغافقي ، عن إياس بن عامر ، أنه سمع علي بن أبي طالب ، يقول : لكل مطلقة متعة .

                  1897 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا هشيم ، قال أخبرنا يونس ، عن الحسن ، أنه كان يقول : لكل مطلقة متاع .

                  [ ص: 367 ] 1898 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال أخبرنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير ، ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) ، قال : لكل مطلقة متعة .

                  1899 - حدثنا يوسف ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا هشيم ، قال أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، أنه كان يقول : لكل مطلقة متاع حتى المختلعة .

                  وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق قبل الدخول ، وقد فرض لها صداق ، فلها نصف ذلك الصداق ، ولا متعة لها ورووا ما ذهبوا إليه من ذلك عن ابن عمر ، والشعبي ، وعطاء بن أبي رباح ، والنخعي .

                  1900 - حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني مالك ، والليث ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يقول : " لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق وقد فرض لها صداق ، فحسبها نصف صداق ما فرض لها " .

                  1901 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو حذيفة ، قال حدثنا الثوري ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : لكل مطلقة متعة إلا أن تطلق قبل أن يدخل بها ، وقد فرض لها ، فلا متعة لها إلا نصف الصداق .

                  1902 - حدثنا يوسف ، قال حدثنا سعيد ، قال حدثنا هشيم ، قال أخبرنا عبد الملك ، عن عطاء ، أنه قال : لكل مطلقة متاع إلا التي طلقها قبل أن يدخل بها وقد فرض لها ، فلها نصف الصداق .

                  [ ص: 368 ] 1903 - حدثنا يوسف ، قال حدثنا سعيد ، قال : حدثنا هشيم ، قال أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، ومحمد بن سالم ، عن الشعبي ، مثله .

                  وقد روي عن شريح ما يدل على أن مذهبه كان في ذلك كذلك .

                  1904 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن شريح ، . قال في المرأة إذا طلقها زوجها وقد فرض لها ولم يدخل بها : إن لها في النصف متاعا .

                  وقد روي عن ابن المسيب في المطلقة قبل الدخول المفروض لها صداق ، أنها قد كانت في أول الإسلام ممن له المتاع بالآية التي في سورة الأحزاب ، وهي عندنا - والله أعلم - قوله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ) إلى قوله : ( جميلا ) وكان ذلك عند سعيد على أزواجه المدخول بهن وغير المدخول بهن قال : ثم نسخ الله عز وجل حكم المطلقة قبل الدخول ممن قد فرض لها صداقه بالآية التي في سورة البقرة ، وهي قوله عز وجل : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) .

                  1905 - حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي ، قال حدثنا أسباط بن محمد ، قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كان للمطلقة التي لم يدخل بها في سورة الأحزاب المتاع ، فنسختها الآية التي في البقرة ، فصار لها نصف الصداق ، ولا متاع لها فصار مذهبه في تأويل الآية التي تلونا كمذهب ابن عمر في وجوب المتع لكل مطلقة إلا التي طلقت قبل الدخول وقد سمي لها صداق .

                  وقد روي عن ابن عمر في هذا زيادة على ما رويناه عنه في الفصل الأول ، وهي :

                  1906 - ما حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن لهيعة ، عن [ ص: 369 ] بكير بن عبد الله ، أن عبد الله بن عمر ، قال : ليس من النساء شيء إلا ولها متعة ، إلا الملاعنة ، والمختلعة ، والتي تطلق ولم تمس وقد فرض لها ، فحسبها فريضتها .

                  قال أبو جعفر : فذهب ابن عمر في ذلك إلى إخراج هؤلاء المذكورات في هذا الحديث من أهل المتعة وقد روي عن الشعبي في هذا زيادة على ما رويناه عنه في الفصل الأول ، وهي أنه كان لا يرى للمختلعة متعة على زوجها المخالع لها .

                  1907 - حدثنا أحمد بن الحسن ، قال حدثنا أسباط بن محمد ، عن مطرف ، عن عامر ، قال : المختلعة ليس لها متعة ، كيف تمتعها وأنت تأخذ مالها ؟ .

                  فعاد قول الشعبي بهذا وبما رويناه عنه في هذا الباب أن المختلعة والمطلقة قبل الدخول المفروض لها الصداق ، لا متعة لهما ، ولمن سواهما من المطلقات المتعة .

                  1908 - حدثنا يونس ، قال حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد ، أنه قال : ما نعلم للمختلعة متعة .

                  1909 - حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت عمر بن الحارث ، يقول : سمعت بكيرا ، يقول : أدركت الناس ولا يرون للمختلعة متعة .

                  وهذا الذي رويناه من أقوال الصحابة ، والتابعين في المتعة ، لم يرو فيه عن أحد منهم أنه يجب ذلك لمن ذكروه له من المطلقات وجوبا يحكم به لهن على المطلقين ، ولا أن ذلك أمر به لهن اختيارا ، لا حتما على المطلقين ، إذ كان ذلك مذكورا بعقبه التقى والإحسان ، على أنهم إن فعلوا ذلك كانوا متقين ، محسنين ، متبرعين بها ، لا يجب عليهم كوجوب الأصدقة فمن ذلك ما روي عن شريح فيه .

                  1910 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو عامر ، قال حدثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : جاءت امرأة إلى شريح تخاصم رجلا في المتعة ، وكان طلقها ، فقرأ شريح : ( متاع بالمعروف حقا على المتقين ) فقال له : متعها ، ولم يفرض لها .

                  [ ص: 370 ] 1911 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا هشيم ، قال أخبرنا منصور ، ويونس ، وهشام ، عن ابن سيرين ، عن شريح ، أن امرأة خاصمت زوجها إلى شريح في المتعة ، فقال شريح : لا تأب أن تكون من المحسنين ، لا تأب أن تكون من المتقين ، ولم يجبره .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية