الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد روي عن سالم ، ونافع ، عن ابن عمر في قصته في طلاقه امرأته حائضا ، وفي أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بما أمره أن يأمره به في ذلك ، زيادة على ما في الآثار الأول التي ذكرنا في هذا الباب .

                  1794 - كما حدثنا يزيد بن سنان ، ونصر بن مرزوق ، وابن أبي داود ، قالوا : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني سالم ، أن عبد الله بن عمر ، أخبره ، أنه طلق امرأة له وهي حائض ، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتغيظ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها ، فتلك العدة كما أمر الله عز وجل .

                  [ ص: 323 ] 1795 - حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، قال حدثنا حنظلة بن أبي سفيان الجمحي ، أنه سمع سالما ، يحدث عن أبيه ، أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر : مره فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد ذلك ، وإن شاء طلق ، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء .

                  1796 - حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا ، أخبره ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : مره فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء .

                  1797 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ، قال حدثنا مالك ، فذكر مثل حديث ابن وهب ، عن مالك ، غير أنه قال مره فليراجعها ، ثم يتركها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم إن شاء طلق .

                  1798 - حدثنا نصر بن مرزوق ، قال حدثنا الخصيب ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، وعبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : مره فليراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء ، .

                  1799 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن أيوب ، وعبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، مثله .

                  [ ص: 324 ] 1800 - حدثنا أحمد بن عبد الرحيم البرقي ، قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير بن محمد ، قال : أخبرني يحيى بن سعيد ، وموسى بن عقبة ، وعبيد الله بن عمر ، عن نافع ، أن عبد الله ، ثم ذكر مثله ، .

                  وزاد قبل أن يجامعها .

                  1801 - حدثنا حسين بن نصر ، وفهد ، قالا : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال حدثنا زهير بن معاوية ، قال حدثنا موسى بن عقبة ، قال : حدثني نافع ، أن ابن عمر ، ثم ذكر مثله .

                  ففي هذه الآثار عن سالم ، ونافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء طلق ، وإن شاء أمسك .

                  ففي ذلك ما وكد أن الرد المذكور في الآثار المذكورة في الفصل الأول من هذا الباب أنه المراجعة وفي ذلك ما قد وكد وقوع الطلاق من ابن عمر على امرأته التي كان طلقها وهي حائض ، وإن الحيض لم يمنعه من ذلك وفيه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بمراجعتها ، وأن لا يطلقها بعد ذلك حتى تطهر ، ثم تحيض حيضة أخرى ، ثم تطهر منها .

                  وقد اختلف أهل العلم فيمن طلق امرأته على مثل الحال التي طلق عليها ابن عمر امرأته فراجعها كما يؤمر به ، ثم أراد أن يطلقها طلاقا آخر .

                  فقال بعضهم : يطلقها إذا طهرت من حيضتها التي كان طلقها فيها وممن قال ذلك أبو حنيفة .

                  وقال بعضهم : ليس له أن يطلقها حتى تطهر من حيضتها ، ثم تحيض بعدها حيضة ، ثم تطهر ، فيكون له حينئذ أن يطلقها إن أراد ذلك وممن قال ذلك أبو يوسف .

                  قال أحمد : وهذا هو القياس عندنا ، وذلك أن العباد قد نهوا أن يطلقوا نساءهم في حال حيضهن ، وفي حال مجامعتهم إياهن ، وأمروا أن يطلقوهن طاهرات من الحيض غير [ ص: 325 ] مجامعات ، وكان من جامع امرأته حائضا ثم أراد بعد ذلك أن يطلقها لم يكن له ذلك حتى تطهر من حيضتها التي جامعها فيها ، وحتى تحيض بعدها حيضة أخرى ، ثم تطهر منها ليكون بين جماعه إياها وبين طلاقه الذي يريد أن يطلقها إياه حيضة كاملة فالقياس على ذلك أن يكون كذلك إذا طلقها حائضا ، ثم إن أراد بعد ذلك أن لا يكون له ذلك حتى يكون بين طلاقها الذي طلقها إياه ، وبين الطلاق الذي يريد أن يطلقها إياه حيضة كاملة وفي ثبوت ذلك دليل على أن العباد مهيؤن أن يوقعوا من الطلاق على نسائهم أكثر من واحدة ، لأنه لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر أن يأمر ابن عمر بمراجعة امرأته التي طلقها حائضا ، وأن لا يطلقها بعد ذلك حتى تطهر من حيضتها تلك ، ثم تحيض بعدها حيضة أخرى ، ثم تطهر منها لتكون بين كل طلقتين حيضة كاملة ، دل ذلك أنه لا ينبغي جمع تطليقتين بقول واحد على امرأة ، ولا في وقت لا فاصل بينهما من الحيض كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر أن يأمر ابن عمر على ما ذكرنا .

                  وقد اختلف أهل العلم فيمن أراد أن يطلق امرأته اثنتين أو ثلاثا وهي طاهر من غير جماع ، فمنعه من ذلك بعضهم حتى تكون بين كل تطليقتين يطلقها حيضة ، وممن قال ذلك أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد وأباحه بعضهم ، وممن ذهب إلى ذلك الشافعي رحمه الله .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية