الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  فإن قال قائل : وكيف يجوز أن يوقت لأهل العراق هذا الوقت ولم يكن يومئذ عراق ؟ قيل له : كما جاز أن يوقت لأهل الشام ، ولم يكن يومئذ شام .

                  وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على علم أن العراق ستكون ، وأن كنوز كسرى ستفتح على المسلمين من بعده ، وأخبر أصحابه مع ذلك أن أهل العراق سيمنعون قفيزهم ودرهمهم الواجبين عليهم خراجا لأرضيهم ، وأن أهل الشام سيمنعون مدهم ودينارهم الواجبين عليهم خراجا لأرضيهم ، وأن أهل مصر سيمنعون إردبهم ودينارهم الواجبين عليهم خراجا لأرضيهم . فمما روي عنه في ذلك ما :

                  1162 - قد حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي وما قد حدثنا فهد ، قال حدثنا أبو غسان النهدي ، قالا : حدثنا زهير بن معاوية ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : منعت العراق قفيزها ودرهمها ، ومنعت الشام مديها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها ، وعدتم كما بدأتم ، وعدتم كما بدأتم ، وعدتم كما بدأتم ، شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه .

                  [ ص: 29 ] قال أبو جعفر : لم يروه غير زهير . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر ما سيفعله أهل العراق من منع الخراج ، ولا عراق يومئذ ، لعلمه أنه ستكون العراق . كما ذكر فيما سيفعله أهل الشام ، ولا شام يومئذ ، لعلمه أنه ستكون الشام .

                  ولما كانتا عنده صلى الله عليه وسلم كائنتين لا محالة ، وقت لأهلها المواقيت لحجهم ، إذ كان لابد لهم من ذلك ، كما وقت لمن سواهم من أهل البلدان التي قد كانت قبل ذلك وهذا الذي ذكرناه في هذه المواقيت قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد فيما حدثنا سليمان ، عن أبيه عن محمد . غير ما حكيناه في حديث أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من توقيت العقيق لأهل المدائن ، فإنهم كانوا لا يقولون بذلك ، ويجعلون المدائن كما سواها من مدائن العراق ، ويجعلون ميقات أهلها كميقات سائر أهل العراق سواها .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية