الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وكان بعضهم يقول : يصليهما بأذان واحد وإقامتين كما يجمع بين الصلاتين بعرفة وهذا قول أهل مكة وأهل المدينة جميعا وقد روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ما :

                  1430 - قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد بن موسى ، قال حدثنا حاتم بن إسماعيل ، قال حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله [ ص: 153 ] في حديثه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين .

                  وكان بعضهم يقول : يصليهما بأذان واحد وإقامة واحدة وممن قال ذلك منهم أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، حدثنا بذلك من قولهم سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، وعن أبيه ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، وعن أبيه ، عن محمد ، بذلك .

                  وقد روي في ذلك ما :

                  1431 - قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم ، عن يوسف بن ماهك ، قال : وقفت مع ابن عمر بعرفة ، فلما أتى جمعا جمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد .

                  ففي هذا الحديث تأذين ابن عمر للجمع بين هاتين الصلاتين وقد حضر جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما في حجته هناك ، فاستحال عندنا أن يكون يزيد على ما قد كان رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله ، إلا وقد ثبت عنده ما تجب له به الزيادة على ذلك إما من حديث حدثه غيره به عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالأذان فيهما ، أو بحديث حدثه غيره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم أذن فيهما ، ولا يكون ذلك مأخوذا من الرأي ، ولا مستخرجا بقياس ثم تأملنا ما روي في ذلك عن عبد الله بن عمر سوى ما تقدمت روايتنا إياه عنه في هذا الباب ، هل فيه ما يدل على السبب الذي كان تأذينه في الجمع لهاتين الصلاتين ، ما هو ؟ فوجدنا أحمد بن محمد بن سلام البغدادي العطار :

                  1432 - قد حدثنا ، قال حدثنا بشر بن الوليد القاضي ، قال أخبرنا شريك بن عبد الله ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، أنه صلى بهم بجمع بأذان وإقامة ، صلى المغرب ، ثم قال : الصلاة ، فصلى العشاء ركعتين .

                  [ ص: 154 ] فقيل له في ذلك ، فقال : هكذا صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                  فكان في هذا الحديث إخبار عبد الله بن عمر أن تأذينه كان في الجمع بين هاتين الصلاتين اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان في ذلك ، وامتثالا منه لفعله كان فيه وهذا خلاف ما قد رويناه فيما تقدم منا من هذا الباب عن الثوري ، وشعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر في ذلك .

                  ولما اختلفوا في ذلك كما ذكرنا عنهم ، ووجدنا الصلاتين بعرفة تجمعان بأذان واحد وإقامتين ، كانت الصلاتان بمزدلفة في القياس أيضا كذلك تجمعان بأذان واحد وإقامتين كما قال أهل مكة وأهل المدينة في ذلك .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية