الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وينبغي لمن وقف بعرفة بعد الزوال من يوم عرفة من الحاج أن لا يفيض منها حتى تغرب الشمس ، فإنه إن أفاض منه قبل ذلك فقد اختلف أهل العلم في حكمه ، فطائفة منهم تقول : قد فسد حجه ويروون في ذلك عن عبد الله بن الزبير ما :

                  1438 - قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا يزيد بن إبراهيم ، قال حدثنا عبد الله بن أبي مليكة ، قال : كان عبد الله بن الزبير يخطبنا فيعلمنا [ ص: 157 ] المناسك ، فيقول : أن لا كل عرفات موقف ، يرددها ثلاثا ، وإذا أفاض الإمام أفاض : أن لا ولا صلاة إلا بجمع ، يرددها ثلاثا ، حتى إذا كان من الغد صلى صلاة معجلة ، ثم وقف إلى الصلاة المصبحة : أن لا ولا يكون أحدكم قد أنفق ماله ، وأصابه الحر والبرد ، فيفيض قبل الإمام أو قبل الناس فيفسد حجه .

                  وطائفة منهم تقول : لا يفسد حجه بذلك ، ولكن يكون عليه دم لما نزل من الوقوف الذي قد كان وجب عليه لما دخل فيه ، أن لا يخرج منه إلا بعد انقضاء وقته هذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن حدثنا بذلك من قولهم سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، وعن أبيه ، عن محمد بما ذكرناه عنهم من ذلك وقد روي هذا القول أيضا عن عطاء بن أبي رباح .

                  1439 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : من أفاض من عرفة قبل أن تغيب الشمس فليهرق دما .

                  ولما اختلفوا في ذلك ، وكان الوقوف بعرفة في يوم عرفة قبل غروب الشمس أفضل من الوقوف بها في الليل ، وكان الوقوف بها في الليل يجزئ منه أقل القليل ، كان الوقوف بها بالنهار أحرى أن يجزئ منه إلا بعد خروج وقته ، فإذا خرج منه قبل ذلك كان مقصرا ، ووجب عليه ما يجب على المقصر في أشكاله في أمور الحج وهو الدم .

                  وقد ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عروة بن مضرس ، أنه قال : من صلى معنا صلاتنا هذه ، وقد أتى عرفة قبل ذلك من ليل أو نهار فقد تم حجه ، وقضى تفثه فعقلنا بذلك أن من وقف بعرفة ساعة من نهار أنه ممن قد تم حجه وليس معنى تم حجه إلا شيء عليه من حجه ، غير وقوفه الذي كان ، إنما معناه فقد تم حجه أي لأنه لا يفوته بعد ذلك شيء إن تركه منه كما قد روي عنه صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، أنه قال : الحج عرفة ، فلم يكن ذلك على أن الحج [ ص: 158 ] ليس إلا عرفة خاصة ، لأن فيه ما سواها من الطواف ، ومن الوقوف بالمزدلفة ، ومن الأشياء التي لا بد منها للحاج ، ولكن كان معنى ذلك الحج عرفة ، أي أن عرفة إذا فاتت فات الحج ، وما سواها من أمور الحج مما له وقت معلوم ، أو مما الدهر له وقت بقضاء أو يجب الدم مكانه .

                  وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أمر عرفة كنحو ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه .

                  1440 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن الحجاج ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، أن عمر كان بالمزدلفة ، فجاءه أعرابي ، فقال : إني لم أقف بعرفة ، فقال له عمر : اذهب فقف ، فإني انتظرك ، فلما أصبح جعل يقول : أجاء الأعرابي ؟ أجاء الأعرابي ؟ فلما جاء أفاض .

                  وقد روي عن عبد الله بن عمر في الوقوف بعرفة مثل ذلك .

                  1441 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن حميد ، عن بكر ، أن ابن عمر ، قال : من وقف بعرفة قبل الصبح فقد أدرك .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية