الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  وقد روى عطاء بن أبي رباح عن جابر حديث محمد بن علي بن حسين عن جابر ، غير أنه قد زاد عليه فيه معنى وذلك أن محمد بن حميد بن هشام الرعيني :

                  1284 - حدثنا ، قال حدثنا علي بن معبد العبدي ، قال حدثنا موسى بن أعين الجزري ، عن خصيف ، عن عطاء ، عن جابر ، قال : لما قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في حجة الوداع ، سأل الناس : بماذا أحرمتم ؟ فقال أناس : أهللنا بالحج . وقال آخرون : قدمنا متمتعين . وقال آخرون : أهللنا بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان قدم ولم يسق هديا فليحلل ، فإني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي حتى أكون حلالا فقال سراقة بن مالك بن جعشم : يا رسول الله ، عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد ؟ فقال : بل لأبد الأبد .

                  ففي هذا الحديث سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عن إحرامهم ، ما هو ؟ وإخبار بعضهم إياه أنه بالحج خاصة ، وإخبار بعضهم إياه أنه بالتمتع ، وإخبار بعضهم إياه أنه بما أهل هو صلى الله عليه وسلم به ، وأمره من كان منهم لم يسق الهدي بالإحلال ففي ذلك ما ينفي حديث عروة الذي رويناه عنه ، عن عائشة في هذا الباب من حديث الزهري ، ودليل على أن المعنى كان في ذلك كما رواه غيره عن عائشة ، وكما روي عن غير عائشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت بحمله ما [ ص: 86 ] ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أصحابه ، أنهم كانوا طافوا لحجتهم قبل عرفة ، وقبل أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالإحلال ، فدل ذلك أن من سنة الحج الطواف له قبل الوقوف بعرفة كما قال أكثر أهل العلم فيه .

                  وفي جملتها إباحة فسخ الحج إلى العمرة ، غير ما رويناه منها عن أنس من إحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج والعمرة مما خالفته فيه من قد ذكرنا خلافه إياه فيه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب فالأشبه عندنا في ذلك بالحق - والله أعلم - أن يكون إحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالحج خاصة كما قال الذين قالوا ذلك ، لا بالحج والعمرة ، لأنه قد أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة ، ولا يجوز أن يكون أمرهم بذلك وهم في حرمة عمرة أخرى ، لأنهم يرجعون بذلك إلى أن يصيروا في حرمة عمرة ، وقد أجمع المسلمون على منع ذلك ، ومحال عندنا أن يجمعوا على خلاف ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لم يكن مخصوصا به ، ومما لم ينسخ بعد فعله إياه .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية