الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قول الله تعالى : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) الآية .

                  قال الله جل ثناؤه : ( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) .

                  قال أحمد : فكان ظاهر هذه الآية على أن الإفاضة الأولى من عرفات ، وعلى أن الإفاضة الثانية من المشعر الحرام ، لأنه قال عز وجل : ( فاذكروا الله عند المشعر الحرام ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) ، غير أنا وجدنا أهل العلم تأولوا ذلك على إفاضة واحدة ، وكانت هذه الآية عندهم من المحكم المتفق على المراد به ، وجعلوا قوله عز وجل : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) ، في معنى : وأفيضوا من حيث أفاض الناس وقالوا : قد تجعل ثم في موضع الواو ، وكما قال الله عز وجل : ( وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ) .

                  [ ص: 173 ] فكان قوله عز وجل : ( ثم الله شهيد على ما يفعلون ) ، في معنى : والله شهيد على ما يفعلون .

                  وقالوا : إنما كان السبب في نزول هذه الآية ، فذكروا ما :

                  1484 - قد حدثنا محمد بن زكرياء بن يحيى أبو شريح ، قال حدثنا الفريابي ، قال حدثنا قيس بن الربيع ، عن جابر ، عن عكرمة ، قال : كانت قريش وخزاعة لا يفيضون إلا من الحرم ، لا يجاوزونه ، وكان سائر الناس يفيضون من عرفات ، فأمروا أن يفيضوا من حيث أفاض الناس .

                  1485 - وما قد حدثنا محمد بن زكرياء ، قال حدثنا الفريابي ، قال حدثنا قيس ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، قال : كانت قريش تفيض من جمع ، ويقولون : إنا حمس ، وكان سائر الناس يفيضون من عرفات ، فأمروا أن يفيضوا من حيث أفاض الناس .

                  1486 - وما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو حنيفة ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ، قال : كانت قريش لا تجاوز الحرم ، فأنزل الله عز وجل : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) .

                  وقد روي عن جبير بن مطعم ما يدل على هذا المعنى أيضا .

                  1487 - حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني ، قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : ذهبت أطلب بعيرا إلى يوم عرفة ، فخرجت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة مع الناس ، فقلت : إن هذا من الحمس ، فما له خرج من الحرم ، يعني بالحمس قريشا ؟

                  وكانت قريش تقف بالمزدلفة ، ويقولون : نحن الحمس ، لا نجاوز الحرم .


                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية