الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قوله تعالى : ( والذين يظاهرون من نسائهم ) الآية .

                  ( ثم يعودون لما قالوا ) ، إلى آخر القصة التي ذكر الله عز وجل في ذلك .

                  روي أن السبب الذي كان في نزول هذه الآية ما :

                  1953 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا يزيد بن زريع ، قال حدثنا داود ، عن أبي العالية ، قال : كانت امرأة من الأنصار يقال لها : خويلة ابنة دليج ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة تغسل رأسه ، وزوجها قد طالت صحبتها إياه ، وذكرت أنها جعلها عليه كظهر أمه ، .

                  قال : قد حرمت عليه . قالت : أشكو إلى الله ، ( والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ) ، ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) ، أتستطيع أن تعتق رقبة ؟ قال : لا قال : ( فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ) [ ص: 390 ] أتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لو أني لم آكل في اليوم ثلاث مرات كاد أن يغشى بصري .

                  قال : ( فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ) ، أتستطيع أن تطعم ستين مسكينا ؟ قال : لا ، إلا بعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعانه .


                  1954 - حدثنا ابن أبي مريم ، قال حدثنا الفريابي ، قال حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن يزيد بن زيد ، في قوله : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ) ، قال : هي خولة ابنة صامت ، كان زوجها مريضا فدعاها فلم تجبه ، فقال : أنت علي كظهر أمي ، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية : ( فتحرير رقبة ) ، قال : لا أجد قال : فصوم شهرين متتابعين ؟ . قال : لا أستطيع قال : فإطعام ستين مسكينا ؟ . قال : بالله ما عندي إلا أن تعينني فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا ، فقال : لا أجد بالمدينة أحدا أحوج إليه مني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلها أنت وأهلك .

                  1955 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال حدثنا حجاج بن إبراهيم ، قال حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن أبي حرملة ، عن عطاء بن يسار ، أن خولة ابنة ثعلبة كانت تحت أوس بن صامت ، فتظاهر منها ، وكان به لمم ، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت إن أوس بن صامت ظاهر منها ، فذكرت أن به لمما ، فقالت : والذي بعثك بالحق ، ما جئتك إلا رحمة له ، إن له في منافع ، فأنزل الله عز وجل القرآن فيهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مريه فليعتق رقبة . قالت : والذي بعثك بالحق ما عنده رقبة ، ولا يملكها قال : مريه فليصم شهرين متتابعين . قالت : والذي بعثك بالحق [ ص: 391 ] لو كلفته ثلاثة أيام ما استطاع ، وكان الحر قال : مريه فليطعم ستين مسكينا . قالت : والذي بعثك بالحق ما يقدر عليه قال : مريه فليذهب إلى فلان فقد أخبرني أن عنده شطر وسق ، فليأخذه صدقة عليه ، ثم يتصدق به على ستين مسكينا .

                  1956 - حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال حدثنا أبو نعيم ضرار بن صرد الطحان الكوفي ، قال حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن محمد بن إسحاق ، عن معمر بن عبد الله بن حنظلة ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن خولة ، أن زوجها ظاهر منها ، فأراد أن يجامعها ، فأبت عليه ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت آية الظهار ، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفر قبل أن يواقع بخمسة عشر صاعا على ستين مسكينا .

                  فهذا الذي روي في أمر أوس بن حجر وفي تظاهره .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية