الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  فإن قال قائل : فقد روى عطاء بن أبي رباح عن جابر هذا الحديث بإباحة أكل المحرم إياها ، وذكر في ذلك ما :

                  1240 - حدثناه يزيد بن سنان ، قال حدثنا حبان بن هلال ، قال حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني ، عن إبراهيم الصائغ ، عن عطاء ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الضبع ، فقال : هي صيد ، وفيها جزاء كبش مسن ، وتؤكل .

                  قيل له : وهذا أيضا فيحتمل ما يحتمل الحديث الذي قبله ، أن يكون قوله : ويؤكل ، من قول جابر .

                  وفي حديث منصور بن زاذان الذي ذكرنا في هذا الباب ، عن عطاء ، عن جابر ما قد دل على ذلك أيضا ، لأنه حين حكى الحكم فيها عن غيره إنما قال : قضى في الضبع إذا قتله المحرم بكبش ، ولم يذكر عن الحاكمين فيها بذلك إباحتهم أكلها .

                  وقد كان أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، فيما حدثنا سليمان ، عن أبيه ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، وعن أبيه ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، وعن أبيه ، عن محمد ، يقولون : الذئب بمنزلة الكلب العقور ، وللمحرم أن يقتله في إحرامه ، وللحلال أن يقتله في الحرم كما يقتلان الكلب العقور .

                  وقد كان ينبغي لهم ، إذ لم يجعلوا سائر السباع التي تعقر كعقر الكلب أو كأشد من عقره في حكم الكلب في إباحته قتله في الحرم والإحرام ، أن لا يجعلوا الذئب كذلك أيضا ، [ ص: 60 ] وأن يكون ما أبيح من قتل الكلب العقور في الحرم والإحرام على الكلب المعقول عند العامة خاصة ، لا على ما سواه مما يشبهه في أفعاله ، أن لا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أباح في الحديث الذي رويناه عنه في هذا الباب ، في عدد ما يقتل في الحرم والإحرام ، قتل الغراب والحدأ ، وأن أبا حنيفة ، وأبا يوسف ، ومحمدا لم يجعلوا الرخم ، ولا سائر ذوي المخلب ، من الطير كهما ، غير أنا قد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ، إن كان ثابتا ، يشهد لما ذهبوا إليه فيما ذكرناه عنهم من ذلك ، وذلك أن : علي بن عبد الرحمن بن المغيرة ،

                  1241 - حدثنا ، قال حدثنا سعيد بن أبي مريم ، قال : أخبرنا يحيى بن أيوب ، عن محمد بن العجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث مالك والليث ، يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : خمس من الدواب يقتلن في الحرم : العقرب ، والحديا ، والفأرة ، والكلب العقور ، إلا أنه قال في حديثه : الحية ، والذئب ، والكلب العقور .

                  هكذا حدثناه علي عن سعيد بهذا اللفظ ، وفي ذلك مجاوزة الخمس المذكورة في أوله ، فاحتمل أن يكون أبو هريرة سمع من النبي صلى الله عليه وسلم إباحة قتل الخمس في الحرم كما سمعه غيره ممن روينا عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في هذا الباب ، ثم سمعه أبو هريرة بعد ذلك أباح قتل الحية والذئب في الحرم فألحق ذلك بالخمس فإن كان ذلك كذلك فالقول في الذئب ، كما قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد فيه : لا بأس بقتله في الحرم والإحرام ، غير أنا لم نجد هذا الحديث على هذا اللفظ الذي رويناه عليه إلا من حديث يحيى بن أيوب .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية