الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قوله تعالى : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق ) .

                  قال الله جل ثناؤه : ( أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم ) إلى قوله عز وجل : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ) ، من المتشابه المختلف في المراد به ما هو فقالت طائفة من أهل العلم : المراد به البدن المقلدة والمنفعة فيها المراد بقوله عز وجل : ( لكم فيها منافع ) عندهم ركوبها ، والشرب من ألبانها ، وإن كانت قد صارت بدنا وقد روي هذا القول في البدن عن إبراهيم النخعي كما :

                  1755 - حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة ، قال حدثنا أبو داود صاحب الطيالسة ، قال حدثنا ورقاء ، عن منصور ، عن إبراهيم : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ) ، قال : إن احتاج إلى ظهرها ركب ، وإن احتاج إلى لبنها شرب ، يعني : البدن .

                  وقد روي هذا المذهب أيضا في البدن عن عروة بن الزبير كما :

                  1756 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن المنهال ، قال حدثنا حماد ، قال أخبرنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : البدنة إذا احتاج إليها سائقها ركبها ركوبا غير قادح .

                  1757 - كما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا حماد ، عن قيس ، عن عطاء ، قال : البدنة إذا احتاج إليها سائقها ركبها ركوبا غير قادح .

                  وقالت طائفة من أهل العلم : المراد بهذا ( بهيمة الأنعام ) قبل أن توجب لله عز وجل ، وقبل أن تقلد ، وقبل أن تجعل بدنا لأهلها ، فيها المنافع التي تنتفع بها منها فإذا قلدت ، ووجبت لله عز وجل ، حرم ذلك عليهم منها إلا من ضرورة تضطرهم إلى ذلك منها .

                  [ ص: 305 ] والأجل المسمى المراد عندهم في هذه الآية أن تصير البهيمة لله عز وجل هديا ، فإذا صارت كذلك حرم على أهلها الانتفاع بها كما كانوا ينتفعون بها قبل زوال إملاكهم عنها وقد روي هذا المذهب أيضا عن إبراهيم النخعي ، وهو خلاف المذهب الأول الذي رويناه عنه في الفصل الأول من هذا الباب .

                  1758 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، قال حدثنا شعبة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : لا يشرب لبن البدنة ، ولا يركبها إلا أن يضطر إلى ذلك .

                  وقد روي عن غيره من المتقدمين في تأويل هذه الآية هذا المذهب أيضا منهم مجاهد كما :

                  1759 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو عامر العقدي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ) ، قال : في ظهورها ، وألبانها ، وأصوافها ، وأوبارها حتى تصير بدنا .

                  1760 - وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو حذيفة ، قال حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، فذكر مثله .

                  1761 - وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا حبان بن هلال ، عن حماد ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، فذكر مثله .

                  ولما اختلفوا في تأويل هذه الآية كما ذكرنا ، التمسنا حكم ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف هو ؟ فوجدنا يونس بن عبد الأعلى :

                  1762 - قد حدثنا ، قال أخبرنا ابن وهب ، أن مالك بن أنس ، حدثه عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا [ ص: 306 ] يسوق بدنة ، فقال : اركبها فقال : يا رسول الله ، إنها بدنة قال : اركبها ويلك .

                  1763 - ووجدنا يونس ، قد حدثنا أيضا ، قال أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن أبي ذؤيب ، عن عجلان ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله ، .

                  1764 - ووجدنا ابن أبي داود ، قد حدثنا ، قال حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، قال حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عمه موسى بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله ، غير أنه قال له في الثالثة أو الرابعة : اركبها ويحك .

                  1765 - وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يسوق بدنة ، قال : اركبها قال : إنها بدنة قال : اركبها ، .

                  1766 - ووجدنا أبا بكرة ، قد حدثنا ، قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال حدثنا سفيان ، عن موسى بن أبي عثمان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله .

                  1767 - ووجدنا ابن أبي داود ، قد حدثنا ، قال حدثنا المقدمي ، قال حدثنا يزيد بن زريع ، قال حدثنا معتمر بن سليمان ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا يسوق بدنة ، قال : اركبها قال : إنها بدنة قال : اركبها .

                  قال : فلقد رأيته يساير النبي صلى الله عليه وسلم في عنقها نعل .


                  [ ص: 307 ] 1768 - ووجدنا علي بن شيبة ، قد حدثنا ، قال حدثنا يزيد بن هارون ، قال أخبرنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يسوق بدنة ، قال : اركبها قال : إنها بدنة قال : اركبها .

                  1769 - ووجدنا عبد الله بن محمد بن حشيش البصري ، قد حدثنا ، قال حدثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي ، قال حدثنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وشعبة بن الحجاج ، قالا : حدثنا قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية