الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  فإن قال قائل : إن هذه المطلقة قد كان هذا القاذف لها بهذا الولد زوجا لها فحكمه ولدها الذي كان يلزمه لو لم ينفه بحق النكاح المتقدم حكمه لو نفاه قبل زوال ذلك النكاح ، أن لا ترى أنه يلزمه ما جاءت به من ولد بعد زوال النكاح في المدة التي يلزمه فيها الولد ، وإن كان ذلك النكاح قد زال عنها ، فكذلك يكون له أن ينفي الولد عن نفسه وإن كان النكاح الذي به يثبت نسبه قد زال .

                  قيل له : أما ما جاءت به من ولد منه ، حكمه حكم ما قبل الطلاق ، فإنه يلزمه الولد الذي جاءت به ، لأنه محكوم له بحكم ولد كان من جماع من هذا المطلق ، محكوم له أن ذلك الطلاق وقع والولد في بطن أمه ، وفي ذلك تحقيق نسبه من هذا المطلق .

                  وأما إذا وضعته أمه ثم وقع الطلاق عليها من زوجها فأبانها منه ، وأزال نكاحه عنها ، ثم نفاه وقذفها به ، فإنما ذلك قذف مستأنف يوجب معنى مستأنفا ، وهما حينئذ غير زوجين ، فليسا ممن جعل الله عز وجل حكمه حكم اللعان ، وهما ممن جعل عز وجل حكمهما حكم الجلد فهذا القول أولى عندنا من الآخر .

                  [ ص: 435 ] ولو أن هذا الزوج الذي ذكرنا لم يطلق الطلاق الذي وصفنا ، ولكنه قذفها وهما زوجان على حالهما ، ثم ماتت المرأة قبل أن يتلاعنا ، فإنه روي عن ابن عباس في ذلك ما :

                  1999 - حدثنا يحيى بن عثمان ، قال حدثنا نعيم ، قال حدثنا غياث بن بشير ، عن حصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في الرجل يقذف امرأته ، ثم تموت المرأة قبل أن يتلاعنا ، قال : يوقف ، فإن أكذب نفسه جلد وورث ، وإن جاء بالشهود ورث ، وإن التعن لم يرث .

                  وهذا عندنا قياس قوله فيما حكاه جابر بن زيد ، وقياس قول ابن عمر ، أنه لا يلاعن ، وأنه يرث وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد .

                  وهذا اللعان الذي ذكرنا وجوبه من الزوجين ، فهو بعد أن يكون الزوجان حرين مسلمين بالغين غير محدودين ولا واحد منهما في قذف ، وبعد أن تكون المرأة توطأ وطئا يدرأ به الحد عن قاذفهما فأما إن كانا عبدين ، أو أحدهما ، أو كانا نصرانيين ، أو يهوديين ، أو مجوسيين ، أو أحدهما ، فإن أهل العلم قد اختلفوا في ذلك ، فقالت طائفة منهم : لا لعان بينهما ، ولا حد على الزوج في قذفه زوجته وممن قال ذلك أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد وقالت طائفة : إنهما يتلاعنان ، وإنهما في ذلك كالزوجين المسلمين اللذين ذكرنا وممن قال ذلك الشافعي ، وكثير من أهل المدينة .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية