الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قوله تعالى : ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم . . . ) ، إلى قوله : ( يضعن حملهن ) .

                  قال الله عز وجل : ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم . . . ) ، وكان ذلك على المطلقات المعتدات ، غير أن أهل العلم اختلفوا في أي المطلقات المعتدات هن ؟ فقال أكثرهم : هن جميع المطلقات ، وسووا في ذلك بين الطلاق البائن وغير البائن وممن [ ص: 343 ] قال ذلك مالك ، وأبو حنيفة ، والثوري ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي .

                  وقالت طائفة : هن المعتدات من الطلاق الذي يملك فيه الرجعة وروي هذا عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى على خلاف قد روي عنه وكان من حجة من ذهب إلى هذا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فاطمة بنت قيس .

                  1843 - كما حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا هشيم ، عن مغيرة ، وحصين ، وأشعث ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وداود ، وسيار ، ومجالد ، عن الشعبي ، قال : دخلت على فاطمة بنت قيس بالمدينة ، فسألتها عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ، فقالت : طلقني زوجي البتة فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السكنى والنفقة ، فلم يجعل لي سكنى ، ولا نفقة ، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم .

                  وقال مجالد في حديثه : يا بنت قيس ، إنما السكنى والنفقة على من كانت له الرجعة .


                  1844 - حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون ، قال حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني أبو سلمة ، قال : حدثتني فاطمة ابنة قيس ، أن أبا عمرو بن حفص المخزومي طلقها ثلاثا ، فأمر لها بنفقة فاستقلتها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه نحو اليمن ، فانطلق خالد بن الوليد في نفر من بني مخزوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت ميمونة ، فقال : يا رسول الله إن أبا عمرو بن حفص طلق فلانة ثلاثا ، فهل لها نفقة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس لها نفقة ولا مسكن ، فأرسل إليها أن تنتقل إلى أم شريك ، ثم أرسل إليها أن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون ، فانتقلي إلى ابن أم مكتوم ، فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك .

                  [ ص: 344 ] 1845 - حدثنا الربيع المرادي ، قال حدثنا بشر بن بكر ، قال : حدثني الأوزاعي ، ثم ذكر بإسناده مثله .

                  1846 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا وهب بن جرير ، قال حدثنا شعبة ، عن أبي بكر بن أبي الجهم ، قال : دخلت أنا وأبو سلمة على ابنة قيس ، فحدثت أن زوجها طلقها طلاقا بائنا ، وأمر أبا حفص أن يرسل إليها بنفقتها خمسة أوساق ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إن زوجي طلقني ، ولم يجعل لي السكنى ، ولا النفقة فقال : صدق ، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم ثم قال : إن ابن أم مكتوم رجل يغشى فاعتدي في بيت أم فلان ، .

                  1847 - حدثنا سليمان بن شعيب ، قال حدثنا عبد الرحمن ، قال حدثنا شعبة ، فذكر بإسناده مثله .

                  1848 - حدثنا فهد ، قال حدثنا محمد بن سعيد قال حدثنا شريك ، عن أبي بكر بن صخير ، قال : دخلت أنا وأبو سلمة على فاطمة بنت قيس ، وكان زوجها طلقها ثلاثا ، فقالت : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة .

                  1849 - حدثنا أبو أمية ، قال حدثنا المعلى بن منصور الرازي ، قال حدثنا ليث ، عن أبي الزبير ، قال : سألت عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو بن حفص عن طلاق جده فاطمة ابنة قيس ، فقال عبد الحميد بن عبد الله : طلقها الثلاث ، ثم خرج إلى اليمن ، فوكل بها عياش بن أبي ربيعة ، فأرسل إليها عياش ببعض النفقة ، فسخطتها .

                  فقال لها عياش : ما لك علينا نفقة ولا سكنى ، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسليه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما قال ، فقال لها : انتقلي إلى بيت عبد الله بن أم مكتوم الأعمى ، فهو أقل وأطيب ، وأنت تضعين ثيابك عنده .

                  [ ص: 345 ] فانتقلت إليه حتى حلت .


                  1850 - حدثنا أبو أمية ، قال حدثنا المعلى ، قال حدثنا ليث ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس ، مثل ذلك .

                  هكذا رواه أبو أمية عن المعلى ، عن ليث وأما يحيى بن بكير فرواه عن الليث بزيادة .

                  1851 - حدثنا روح بن الفرج ، قال حدثنا ابن بكير ، قال حدثنا الليث ، عن أبي الزبير ، أنه سأل عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو بن حفص ، عن طلاق جده أبي عمرو فاطمة ، فقال له عبد الحميد : طلقها ألبتة ، ثم خرج إلى اليمن ، ووكل عياش بن أبي ربيعة ، فأرسل إليها عياش ببعض النفقة ، فسخطتها ، فقال لها عياش : ما لك علينا من نفقة ولا مسكن ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسليه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ليس لك نفقة ولا مسكن ، ولكن متاع بالمعروف ، فاخرجي عنهم فقالت : أخرج إلى بيت أم شريك ؟ فقال لها : إن بيتها يوطأ ، انتقلي إلى بيت عبد الله بن أم مكتوم الأعمى فهو أقل ، .

                  1852 - حدثنا روح ، قال حدثنا ابن بكير ، قال حدثنا الليث ، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة ، نفسها ، مثل حديث الليث ، عن أبي الزبير حرفا بحرف .

                  وهكذا روى الليث حديث عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة ، عن فاطمة .

                  وأما مالك فرواه عن عبد الله عن أبي سلمة ، عن فاطمة كما :

                  [ ص: 346 ] 1853 - حدثنا يونس ، قال حدثنا ابن وهب ، أن مالكا ، أخبره ، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس ، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب ، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته ، فقال : والله ، ما لك علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فقال : ليس لك عليه نفقة ، واعتدي في بيت أم شريك .

                  فكان
                  الذي في حديث مالك هذا هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس لك عليه نفقة ، وليس فيه ذكر مسكن ، غير أن فيه أن فاطمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قول وكيل زوجها : مالك علينا من شيء ، فلم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولها ، بل أمرها بالاعتداد في غير بيت زوجها ففي ذلك ما دل على أنها قد كان أريد منها الانتقال ، فأطلق لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، وأمرها به ، ولو كان ذلك لها حقا إذا لما أخرجها عن حقها ، ولا نقلها عن غير وجوب النقلة عليها ، فقد عاد بذلك معنى حديث مالك هذا عن عبد الله بن يزيد إلى معنى حديث الليث عنه ، وإن كان حديث الليث عنه أكثر ألفاظا وأبين شرحا وقد روى حديث أبي سلمة هذا عمران بن أبي أنس ، عن أبي سلمة ، فجاء به كنحو ما جاء به مالك ، عن عبد الله ، عن أبي سلمة .

                  1854 - حدثنا بحر بن نصر ، قال حدثنا شعيب بن الليث ، عن الليث بن سعد ، عن عمران بن أبي أنس ، عن أبي سلمة ، أنه قال : سألت فاطمة بنت قيس فأخبرتني أن زوجها المخزومي طلقها ، وأبى أن ينفق عليها ، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نفقة لك ، انتقلي إلى ابن أم مكتوم تكونين عنده ، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده .

                  فالكلام في هذا كالكلام في حديث مالك وقد روى حديث أبي سلمة محمد بن [ ص: 347 ] عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، كنحو ما رواه عمران ، وكنحو ما رواه مالك .

                  1855 - حدثنا فهد ، قال حدثنا علي بن معبد ، قال حدثنا إسماعيل بن أبي كثير ، عن إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة ابنة قيس ، أنها كانت تحت رجل من بني مخزوم ، فطلقها ألبتة ، فأرسلت إلى أهله تبتغي النفقة ، فقالوا : ليس لك علينا نفقة فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ليست لك عليهم نفقة ، وعليك العدة ، فانتقلي إلى بيت أم شريك ، ثم قال : إن أم شريك يدخل عليها أخوالها من المهاجرين ، انتقلي إلى بيت ابن أم مكتوم .

                  فالكلام في هذا كالكلام في حديث مالك وقد روى حديث أبي سلمة ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، كما رواه مالك عن عبد الله ، عن أبي سلمة ، سواء .

                  1856 - كما حدثنا نصر بن مرزوق ، وابن أبي داود ، قالا : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال حدثني الليث ، قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : حدثني أبو سلمة ، أن فاطمة ابنة قيس حدثته ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديث يونس الذي ذكرناه عن ابن وهب ، عن مالك ، عن عبد الله ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة سواء .

                  وقد وافق يحيى بن أبي كثير في ذكر نفي السكنى والنفقة في حديث فاطمة بنت قيس ، الحارث بن عبد الرحمن ، فرواه عن أبي سلمة ، عن فاطمة كذلك .

                  1857 - حدثنا الربيع المرادي ، وسليمان بن شعيب ، قالا : حدثنا أسد ، قال حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة ، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن فاطمة ابنة قيس ، أنها استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين طلقها زوجها ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : لا نفقة لك عنده ولا سكنى ، وكان يأتيها أصحابه ، فقال : اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه أعمى .

                  [ ص: 348 ] فقد صار نفي النفقة والسكنى في حديث أبي سلمة عن فاطمة من رواية يحيى بن أبي كثير ، والحارث ، وأبي بكر بن أبي الجهم من لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، أولى أن يضاف إلى أبي سلمة ، لموافقته على ذلك غيره ممن رواه عن فاطمة ، وبزيادته من زاده عنه في ذلك ، ممن لو انفرد بروايته لكان فيها حجة .

                  وقد وافق أبا سلمة على ذلك في حديث ابن أبي ذئب هذا ، محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، فرواه عن فاطمة بالزيادة التي زيدت على أبي سلمة في أحاديث يحيى بن أبي كثير ، والحارث ، وابن أبي الجهم .

                  وقد روى عن فاطمة ابنة قيس حديثها هذا ، عبد الرحمن بن عاصم بن ثابت .

                  1858 - حدثنا روح بن الفرج ، قال حدثنا أحمد بن صالح ، قال حدثنا عبد الرزاق ، قال حدثنا ابن جريج ، قال : حدثني عطاء ، قال : حدثني عبد الرحمن بن عاصم بن ثابت ، أن فاطمة ، أخبرته ، وكانت عند رجل من بني مخزوم ، فأخبرته أنه طلقها ثلاثا ، وخرج إلى بعض المغازي ، وأمر وكيلا له أن يعطيها بعض النفقة فاستقلتها ، فانطلقت إلى إحدى نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وهي عندها ، فقالت : يا رسول الله هذه فاطمة طلقها فلان ، فأرسل إليها ببعض النفقة فردتها ، وزعم أنه شيء يطول قال : صدق ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انتقلي إلى بيت ابن أم مكتوم ، فإنه أعمى فانتقلت إلى عبد الله بن أم مكتوم ، فاعتدت عنده حتى انقضت عدتها .

                  فالكلام في هذا كالكلام فيما فيه الذي ذكرناه في حديث مالك ، عن عبد الله ، عن أبي سلمة وقد روى هذا الحديث عن عطاء بن أبي رباح ، الحجاج بن أرطاة ، فخالف ابن جريج في إسناده وفي ألفاظه .

                  1859 - كما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا عبد الواحد بن غياث ، قال حدثنا عبد الواحد بن زياد ، عن الحجاج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : حدثتني فاطمة : [ ص: 349 ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة .

                  وقد روى هذا الحديث عن فاطمة عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بالمعنى الذي رواه الشعبي ، ومحمد بن عبد الرحمن ، وابن أبي الجهم ، عن فاطمة ، وبالمعنى الذي رواه عليه أبو سلمة فيما رواه عنه يحيى بن أبي كثير ، والحارث بن عبد الرحمن من نفي النفقة والسكنى عن مطلقها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                  1860 - كما حدثنا فهد ، قال حدثنا أبو اليمان ، قال حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، قال حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أن عبد الله بن عمرو بن عثمان طلق امرأته وهو غلام شاب في إمارة مروان ، ابنة سعيد بن زيد ، وأمها حرمة ابنة قيس ، ألبتة ، فأرسلت إليها خالتها فاطمة ابنة قيس ، فأمرتها بالانتقال من بيت عبد الله بن عمرو ، فسمع بذلك مروان ، فأرسل إلى ابنة سعيد يأمرها أن ترجع إلى مسكنها ، ويسألها ما حملها على الانتقال قبل أن تعتد في مسكنها حتى تنقضي عدتها ، .

                  فأرسلت إليه تخبره أن خالتها فاطمة ابنة قيس أفتتها بذلك ، وأخبرتها أن النبي صلى الله عليه وسلم أفتاها بالانتقال حين طلقها أبو عمرو بن حفص فأرسل مروان قبيصة بن ذؤيب إلى فاطمة يسألها عن ذلك ، فذكرت فاطمة أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص ، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على اليمن خرج معه ، فأرسل إليها تطليقة ، وهي بقية طلاقها ، فأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقتها فأرسلت إلى الحارث وعياش تسألهما النفقة التي أمر لها زوجها ، فقالا : لا والله ما لها علينا من نفقة إلا أن تكون حاملا ، وما لها أن تسكن في مسكننا إلا بإذننا .

                  قالت فاطمة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، فصدقهما فقالت فاطمة : وأين أنتقل يا رسول الله ؟ قال : انتقلي عند ابن أم مكتوم ، وهو الأعمى الذي سماه الله عز وجل في كتابه .

                  قالت فاطمة : فانتقلت عنده ، وكان رجلا قد ذهب بصره ، وكنت أضع ثيابي عنده حتى أنكحها النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما ذكر ، بأسامة بن زيد .

                  [ ص: 350 ] فأنكر عليها مروان ، وقال لها : قال الله عز وجل : ( لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) .

                  قالت فاطمة : بيني وبينكم القرآن ، إنما أنزل الله عز وجل هذا فيمن لم يبت طلاقها ، وإنما أمضت السنة بترك النفقة لمن لم يبت طلاقه ، وكنتم أنتم ترون أنه ليس للمبتوتة نفقة إلا أن تكون حاملا ، وتنكر عليها أن تخرج من بيتها إذا أبت طلاقها ، ألستم تعلمون أن الله عز وجل قال : ( فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم ) ، إلى قوله عز وجل : ( لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) .

                  قال : مراجعة الرجل امرأته ، وقد قال عز وجل : ( فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ) ، وإنما هذا لمن لم يبت طلاقه ، فأما من بت طلاقه فليس عليها رجعة لزوجها .

                  فقال مروان : لم أسمع بهذا الحديث من أحد قبلك ، وسآخذ بالقضية التي وجدت الناس عليها .


                  1861 - حدثنا هارون بن كامل بن يزيد ، قال حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة ، فذكر مثله سواء .

                  1862 - حدثنا عبيد بن رحال ، قال حدثنا أحمد بن صالح ، قال حدثنا عنبسة بن خالد ، قال حدثنا يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، فذكر مثله .

                  [ ص: 351 ] ففي هذا الحديث تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث وعياشا في قولهما لفاطمة بنت قيس ما لها علينا من نفقة إلا أن تكون حاملا ، وما لها أن تسكن في مسكننا إلا بإذننا فقد وافق ذلك ما رواه عن فاطمة من رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : لا نفقة لك ولا سكنى وفيه احتجاج فاطمة على من ألزمها خلاف كتاب الله عز وجل بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا بما احتجت به عليه فيه مما قد ذكرناه عنها فيه ، وإخبارها إياهم أن الذي في كتاب الله عز وجل من السكنى المأمور به إنما أريد به المطلقات اللائي عليهن المراجعات لمن قد طلقهن ، لا لمن سواهن من المطلقات اللائي لا رجعة عليهن لمن طلقهن .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية